الطاهر ساتي

منابر الجمعة ..!!

[JUSTIFY]
منابر الجمعة ..!!

:: ومن خطب الشيخ الدكتور محمد النابلسي، بالنص : أيها الإخوة الأكارم، من منا يصدق أن في خرطوم البعوضة ست سكاكين؟.. أربعة سكاكين تقطع الجلد الذي تلسعه، وسكينان تلتئمان مع بعضهما بعضاً فتكونان أنبوباً حاد الأطراف يغرس في الجسم..أربع سكاكين تقطع بها اللحم وأنبوب أساسه، سكينان ملتئمان يغرس في الجسم كي يمتص دمه..وهذه البعوضة تملك مادة مخدرة، ومعروف أن المواد المخدرة تصنع في أعقد المعامل..وهذه المادة المخدرة في البعوضة لأنها لو لم تخدر هذا الإنسان لقتلها وهي تمتص دمه..وبعد أن تطير البعوضة، يذهب التخدير فيشعر الإنسان باللسعة فيضرب ضربة بلا فائدة.. !!

:: ويتواصل السرد الشيق – للشيخ النابلسي – عن البعوض : للبعوضة ثلاثة قلوب، ومئة عين، ومحاجم كي تقف على سطح أملس، ومخالب كي تقف على سطح خشن، ومستقبلات حرارية تتحسس بواحد بالألف من درجة الحرارة، و ترى الأجسام بألوان بحسب الحرارة، ومعها جهاز تحليل للدم، وجهاز تخدير، وجهاز رادار، وجهاز تمييع، ثم إن جناحيها يرفان بعدد لا يصدق، وهذا الطنين الذي تسمعه إن رفات البعوضة بعدد كبير جداً في الثانية الواحدة.. أيها الإخوة الكرام ﴿هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين﴾، صدق الله العظيم..!!

:: تلك نموذج ( خطبة معاصرة)، للشيخ النابلسي، ولذلك يخرج المصلي من مسجده ( متعلماً)، ومشبعاً بعلوم الدين والدنيا..والشيخ الدكتور علي كيالي، كما الشيخ النابلسي أيضاً، يُحاضر المصلين بخطب معاصرة ولا تُصيب المصلي بالإكتئاب والنعاس..لقد تطورت منابر الجمعة من حولنا بمثل هذه الخطب التي تخاطب عقل المسلم وليس قلبه فقط، وتطور الأئمة أيضاً بالبحث العميق في جوهر الدين ومقاصده وما بها من إعجاز علمي يخدم حاضر البشرية ومستقبلها..ومع ذلك، لم تبارح خطب عهد السلطان عبد الحميد (منابرنا).. خطب طابعها التكرار و السجع، أواعادة إجترار أهوال عذاب القبر و الثعبان الأقرع وغيره من المسلًمات التي بات يعرفها حتى أطفال الرياض وتلاميذ الأساس..!!

:: خُطب الجمعة هي الأقوى تأثيراً في العامة غير المتعلمة، ولذلك يجب تسخيرها إلى ما ينفع الناس في دنياهم وآخرتهم ..ولكن واقع الحال في بلادنا، يسأل : كم نسبة الذين يواظبون على حضور خطبة الجمعة من بدايتها وحتى نهايتها، مقارنة مع نسبة الذين يتمهلون – أو ينتظرون – لحين إنتهاء الخطبة و إقامة الصلاة ثم يهرولوا نحو المسجد؟ ..وكم نسبة الذين يحتفظون بخطبة الجمعة في ذاكرتهم لحين خطبة الجمعة التالية، مقارنة مع نسبة الذين ينسونها قبل أن تبارح أقدامهم عتبة المسجد؟..وهل بالدولة جهة لها معيار ومقياس لمدى تأثير خطب الجمعة على المجتمع بحيث يكون ( مجتمعاً متعلماً)…؟؟

:: لو كانت بالدولة جهة ذات مقياس، لكشفت للناس أن منابرنا بحاجة إلى إرتقاء يخاطب قضايا الناس بشفافية وسلاسة..ولكشفت أيضاً أن خطب مساجدنا بحاجة إلى تطوير يخاطب عقول الناس بالمعرفة التي يجب أن تشمل على كل ما يحتاج إليه المسلم في حياته.. فالعقول كما بحاجة إلى الوعظ، والترغيب في الجنة والترهيب من النار، هي أيضا بحاجة إلى تنوع يلامس أمور الدنيا بالوعي والتحليل وليس بالإنشاء والتلقين..فالخمر حرام، معلومة يعرفها الجميع، وأي خطيب يستطيع أن ياتي من الآيات والأحاديث ما يؤكد هذا التحريم، ولكن كم منهم يستطيع أن يتحدث عن الإعجاز العلمي المتوفر في تحريم الخمر؟، أي كما تحدث النابلسي عن الإعجاز العلمي في قوله تعالى : (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين) ..!!

[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]