عبد الجليل سليمان

رابع الطيش


[JUSTIFY]
رابع الطيش

احتل السودان بحسب مؤشر الدول التي تشهد اضطرابات أهلية الذي يحلل مخاطر الاضطرابات على أعمال الشركات الذي نشرت نتائجه أول أمس الأربعاء 8 أكتوبر، احتل المركز الرابع (قبل الأخير) الذي قبعت عليه (سوريا)، تلتها أفريقيا الوسطي و باكستان.

واعتبر المؤشر الذي رتب الدول الأسوأ تصاعدياً (من الطيش إلى الأول)، السودان ضمن الدول ذات المخاطر البالغة؛ بسبب الصراعات الداخلية والعنف التي تسهم في تعطيل الأعمال، بينما يحدث العكس حال استقرارها فتشهد نمواً مضطرداً وإقبالاً من المستثمرين أفراداً وشركات، فتتدفق عليها رؤوس الأموال التي لا تعمل إلاّ حيث وجدت الأمن والأمان.

و في الوقت الذي تذيلنا فيه القائمة كعادتنا في كافة المجالات (التعليم، الصحة، حرية الصحافة، الرياضة) وإلى آخر القائمة. اعتبر المؤشر الذي نشرته (رويترز) أول أمس، كل من (سان مارينو، ليختنشتاين، الدنمارك، ايسلندا، والنرويج)، الأفضل أداءً في هذا الصدد.

بالطبع، لن أتناطح مع أحد ممن لا يعترفون بمثل هذه المؤشرات الدولية المهمة الصادرة عن مؤسسات مالية كبرى مثل صندوق النقد الدولي؛ لسبب واحد، وهو أن كافة رجال الأعمال والشركات والمستثمرين يأخذون هذه المؤشرات بجدية وصرامة، ويقررون وفقاً لها ما إذا كان سـ(يكُبون) أموالهم في دولة ما أم يولونها أدبار رؤوس أموالهم.

لذلك سيكون ضرباً من العبث و(التلطيخ) أن تتجاهل أية دولة محترمة مثل هذه التقارير وتقول أنها لا تعرف بها بوصفها صادرة عن مؤسسات الاستكبار والامبريالية العالمية مثلاً.

قبل شهر ونيف، صرح العقيد عوض الكريم سعيد، رئيس جمعية لجنة الأعمال السودانية للمستثمرين في إثيوبيا لـ(اليوم التالي) عن أن عدد المستثمرين السودانيين في إثيوبيا بلغ (800) مستثمر برأس مال قدره (2.4) بليون دولار. حينها قلنا إن هروب رأس المال الوطني من أية دولة، يعتبر مؤشر قاطع الدلالة على أن إمكانية جذب رؤوس أموال أجنبية إليها أمر مستحيل، وقلنا إن أول خطوة لفعل ذلك ينبغي أن تعمل على إعادة رؤوس الأموال الوطنية، وأنها لن تعود بالطبع ما لم تنهض الحكومة بإجراءات محددة و واضحة، أولها إيقاف الحرب تماماً، وثانيها محاربة الفساد والقضاء عليه قضاءً مبرماً، وثالثها إعادة هيكلة الخدمة المدنية و تصفيتها من المتمكنين والفاسدين، ورابعها تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية، وإلى آخر الخطوات التي تتبعها أية حكومة جادة في إنعاش اقتصادها ونموه!!

بالنظر إلى تلك الخطوات، أجدني للأسف الشديد، غير متفائل بالقادم، بل آراه أكثر سوءاً وكارثية؛ لأنني لا أرى في الأفق القريب أو البعيد ما يجعلني أعتقد أن الأوضاع ستتحسن، إذ ليس هنالك إرادة حقيقية للخروج بالبلاد والعباد من عنق الزجاجة.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي