زهير السراج

الحكومة المزلوعة


[ALIGN=CENTER]الحكومة المزلوعة !![/ALIGN] * تناولت قبل يومين ( كارثة ) عدادات الدفع المقدم للمياه التى تقوم الهيئة القومية للمياه بتركيبها هذه الايام، أسوة بعدادات الكهرباء، وأوضحت المخاطر التى ستنجم عن ذلك وعلى رأسها انتشار الامراض والاوبئة المرتبطة بـ(عدم النظافة) الناجمة عن قلة الماء او عدم استخدام الكمية الكافية من الماء، أو اللجوء الى مصادر مياه غير نظيفة وهى ظواهر يتوقع حدوثها بشكل كبير مع تركيب عدادات الدفع المقدم للماء، فالمواطن الذى يتحمل عبء فواتير باهظة، لن يتحمل عبء فواتير جديدة، ومن المتوقع ان يتأثر استخدامه للماء النظيف بشكل كبير الامر الذى سيؤدى لتدنى مستوى النظافة الشخصية والصحة العامة ويصبح الجو مهيأ لانتشار الامراض والاوبئة والمشاكل الاخرى المرتبطة بقلة استخدام الماء النظيف واللجوء لمصادر رخيصة وغير نظيفة للماء !

* فور ظهور المقال على الصحيفة وبعض المواقع الالكترونية التى تقوم مشكورة بإعادة نشر مقالاتى، هاتفنى بعض الاخوة والاخوات القراء، كما استقبل بريدى الالكترونى عددا من الرسائل، وعلق البعض فى الاماكن المخصصة للتعليق فى المواقع الالكترونية، ولم يشذ شخص واحد عن شجب وادانة هذا الاتجاه الخطيرلارغام المواطن على دفع ثمن الماء مقدما الامر الذى يعنى ان من لا يملك ثمن الماء سيعانى من مصاعب جمة ومخاطر كبيرة، بل سيعرض حتى الذين يستطيعون شراء الماء الى هذه المصاعب والمخاطر.

* إحدى اهم النقاط التى أثيرت هى تجربة بعض الجهات والاشخاص مع عدادات الدفع المقدم للماء والاعطال الكبيرة والمتكررة للعدادات وما يترتب عن ذلك من انقطاع الماء فترات طويلة ومتكررة والمشاكل الناجمة عنه، بالاضافة الى بند مزعج جدا وهو ( تكاليف استضافة واعاشة) عمال الصيانة الذين يأخذون وقتا طويلا فى عمليات الصيانة ولا يكون امام المضيف إلا القيام بواجب الضيافة الذى اشتهر به السودانيون.

* دعونا نقول بصراحة شديدة إن هذا الواجب صار عبئا ثقيلا على معظم المواطنين ، ولم يعد بإمكان معظم الاسر، لاسباب عديدة وليس بسبب (رقة الحال) فقط، القيام بهذا العبء الثقيل، وعلى الجهات المعنية والشركات التى ترسل كوادرها للقيام بأعمال خارجية فى البيوت أو الاماكن الاخرى ان تعطيهم تعليمات واضحة بعدم ازعاج اصحاب البيوت والاماكن بالطلبات، والاعتذار عن عروض الضيافة التى تقدم لهم، وفى ذهنى الماء المثلج والشاى وكل ما يدخل الماء فى تركيبه او صنعه، خاصة بعد تركيب عدادات الماء الجديدة التى تلزم المواطن بدفع قيمة الماء مقدما وإلا حرم من الماء!!

* كثيرون اشتكوا من ان الصيانة تأخذ فى بعض الاحيان يوما كاملا، قد يتكرر أكثر من مرتين أو ثلاث مرات شهريا، وتجد الاسر نفسها منهكة ومشغولة باعداد الوجبات والشاى والقهوة وتقديم الماء البارد .. إلخ، وهو أمر يشكل عبئا كبيرا عليها، ولم يعد مبررا الان مادامت الحكومة تبيع كل شئ للناس بالدفع المقدم حتى الماء!! أقول هذا بكل صراحة ووضوح، وأرجو ألا ينبرى لى غدا أحد الباشكتبة المرتاحين ليتحدث عن العادات السودانية والكرم .. إلخ، فهذه أشياء لا بد ان تتوقف مع اصرار الحكومة على الدفع المقدم ، وعليها بعد الان أن تعول منتسبيها بالكامل، ولا تترك أمر إعالتهم للمواطنين كما تفعل الان !!

* الاخ القارئ شرف عبدالرحمن من بنك النيل الازرق المشرق تناول نقطة فى غاية الاهمية وهى رى الاشجار داخل أو خارج المنازل، وضرب المثل بلمبات الابواب الخارجية للمنازل التى لم يعد أحد يضيئها بعد تركيب الجمرة الخبيثة، وبالفعل فهو أمر مهم جدا، فكيف ستتعامل الحكومة مع هذه المشكلة الضخمة التى ستترتب عليها آثار بيئية ضارة جدا، بل مدمرة فى المستقبل القريب جدا عندما تموت الاشجار بسبب اللهفة الحكومية على ثمن الماء؟!

* واضيف لموضوع الاشجار، (سبائل المياه) فى الشوارع والميادين، فمن سيروى عطش السابلة والمارين مع هذه الحكومة المزلوعة ؟!

* أرجو أن تجد الهيئة القومية للمياه فى نفسها الجرأة والكفاءة للرد على هذه الاسئلة، وأعد مقدما بالنشر فى هذا المكان إنشاء الله، مع رجاء الابتعاد عن الكلمات الملونة والتزويق الخطابى والعواطف الجياشة، واللجوء الى الخطاب البسيط والمباشرالذى يفهمه الجميع، حتى لا نغرق فى شبر ماء غال الثمن، ونوفره لشئ مهم!!

مناظير
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 9 يوليو، 2009