ضياء الدين بلال

فوق العادة


[JUSTIFY]
فوق العادة

كانت تجربة مفيدة وممتعة بالنسبة لي، رغم أنها لا تخلو من المغامرة.
ذلك حينما طلبت مني إدارة قناة الشروق، إجراء حوارات تلفزيونية، في برمجة عيد الأضحى، مع عدد من الرموز السياسيَّة والإبداعيَّة.

توجست رهبةً، عندما أخبرتني الدكتورة إشراقة الطاهر منتجة البرنامج، أن الحوارات ستأتي تحت عنوان (فوق العادة).

قلت لدكتورة إشراقة: لديَّ تحفظ على الاسم، فهو يستبطن حكماً استباقياً أقرب لامتداح الذات.
مدح احتفائي من صانع الفعل لا من المتلقين.
وفوق ذلك..
الاسم سيرفع سقف التوقع لدى المشاهدين، وربما يصابون بالخيبة، إذا جاءت الحوارات أقل من المتوقع، وأدنى من المعتاد.
دكتورة إشراقة ذات الخبرة والموهبة البرامجية المتميزة، أقنعتني بالإبقاء على اسم البرنامج لتضعني في مسار التحدي وعلى قيد الرهان.

قبلت التحدي، وارتضيت الدخول في مغامرة إجراء حوارات تلفزيونية، في أوقات مشاهدة عالية، طوال أيام العيد، في فترة إعداد محدودة، في أقل من أسبوع، مع شخصيات من الوزن الثقيل، وهي متعددة الأبعاد.

كان الاتفاق على خمسة حوارات، أولها مع النائب الأول الفريق ركن بكري حسن صالح، والبقية مع مساعد رئيس الجمهورية بروفسور إبراهيم غندور، والشاعر المبدع والدبلوماسي المتميز محمد المكي إبراهيم، ومع الدكتور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم، وبروفسور حسن مكي.

تعذّر إجراء حوار مع النائب الأول، وتمَّت بقية الحوارات في المواعيد المحددة، بفندق كورنثيا (برج الفاتح)، بترتيب دقيق وإعداد متميز، من قبل تيم البرنامج، بقيادة دكتورة إشراقة والمخرج محمد سليمان.
تم بث الحوارات طوال أيام العيد، في أوقات مشاهدة عالية، وأعيدت عدة مرات، وتناقلتها المواقع الإسفيرية على اليوتيوب، وتكاثر عليها الجدال.
فُتحت كثير من البوستات على تويتر والفيسبوك، وتم التعليق على الإفادات والحلقات، من قِبَل عدد من الزملاء الكتاب في الصحف، وتلقيت كثيراً من الرسائل في التعليق وتسجيل الملاحظات.

أكثر ما أسعدني في التجربة التجاوب الكبير الذي وجدته من قِبَل الضيوف، والتفاعل من قِبَل المشاهدين بالإشادة والنقد وطرح التحفظات.

عاتبني البعض على طرح بعض الأسئلة، التي رأوها محرجة، وعلى بعض المقاطعات، التي شعروا أنها حادة بعض الشيء.

كان ردي عليهم، أن طبيعة الحوار هي التي فرضت نوعية الأسئلة، وكان خيارنا في الإعداد أن تقوم طريقة الحوار على الأسئلة القصيرة والمباغتة، على أن تكون الردود بذات الإيقاع، سريعةً ومختزلةً.
سعدت جداً بتفهم الضيوف لطبيعة الحوار، وتجاوبهم مع طريقته، وبتفاعل المشاهدين.

ربما أكثر ما شجعني على التجربة، أنني قد دخلت لعالم الصحافة من باب الحوارات الصحفية، حيث كنت شديد الإعجاب بتجربة الصحفي المصري المعتق مفيد فوزي، والصحفي كمال القبيسي في فلسطين، ولا أفوّت حواراً في الصحافة السودانية للرائعين صبري الشفيع وفيصل الباقر وصلاح شعيب.
وكنت أتابع الحوارات المتميزة بصحيفة ظلال، ولم أكن أعلم أن أغلب تلك الحوارات يجريها صديقي لاحقاً مصطفى عبد العزيز البطل، حيث كان يستخدم أسماء مستعارة.

في كل مرة، يتأكد لي أننا في حاجة ملحّة لفتح قنوات الحوار على كل المسارات، لنتعرّف على بعضنا بصورة أفضل، خالية من إسقاطات المواقف والأقوال.

الحوار ليس وسيلة لتحقيق الاتفاق وإلغاء الفروقات؛ هو غاية في حد ذاته، تُبنى عليه ثقافة قبول الآخر، واكتشاف منابع الخير وتفهم نقاط الضعف.
في غياب الحوار، تتعاظم الأوهام، وتتباعد المسافات، وتستطيل الحوائط، ويُغلق ألف باب، ويتكفل شيطان الخلاف برسم الصور الذهنية للآخرين الذين نختلف معهم في المواقف والمنطلقات.
شكراً للشروق على الفرصة، وشكراً للمشاهدين والقراء على المتابعة والتفاعل بالثناء والنقد.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني