جمال علي حسن

الخرطوم وواشنطون.. قطع ناشف

[JUSTIFY]
الخرطوم وواشنطون.. قطع ناشف

رفض السودان لنصيحة المبعوث الأمريكي دونالد بوث بتأجيل الانتخابات.. لغة الرفض جاءت صارمة ومنفعلة بعض الشيء، وكأن الخارجية السودانية كانت تنتظر من أمريكا أن تنطق بكلمة واحدة أو تخوض ولو بالتعليق على أي حدث خاص بالشأن الداخلي السوداني ليأتيها هذا الرد الساخن وربما المنفعل.. يأتيها مباشرة.

رد الخارجية على المبعوث الأمريكي جاء يتضمن في معناه رسالة واضحة بأننا لا نريد منكم يا أمريكان ولا حتى النصح ومن الأفضل أن تحتفظوا بنصحكم لأنفسكم..

رد الخارجية يمكن أن تكون تبريراته هي أخذ الحيطة والحذر بقطع الطريق أمام التدخلات الأمريكية في الشأن السياسي الداخلي لكنه وفوق ذلك يعبِّر عن حالة احتقان وعدم ثقة تامة من السودان في كل أحاديث المسؤولين الأمريكيين.

لأن هذا الرد السوداني لم يقف عند حدود الرفض للنصيحة المقدمة من المبعوث الأمريكي فقط بل تضمن التعليق على إعلان بوث عن استعداده لزيارة السودان لاستئناف المناقشات حول العلاقات الثنائية.. فاستحضر التعليق ذاكرة خيبات الأمل والوعود الأمريكية السابقة التي لم تكن صادقة.. وكأنه يقول للمبعوث الأمريكي: “لقد شرب السودان من هذا الكأس من قبل وتفقد مذاق الوعود الأمريكية الماسخة” فكان هذا هو السبب الحقيقي وراء الموقف السوداني الحاد، انعدام المصداقية في أحاديث المبعوثين الأمريكان رونالد بوث والمبعوث الذي سبقه حين يتحدثون عن نواياهم للعمل على تحسين العلاقات بين البلدين ثم تكون النتيجة صفرا..

بوث حاول مغازلة السودان بحافز تحسين العلاقات الثنائية لكن السودان يعتبره كذباً وخداعاً.. لقد حاول أن (يشتت السكر) كما يقولون حتى يمرر هذا المطلب وقد يكون تمريره لهذا المطلب من باب مساعدة حلفاء أمريكا في المعارضة السودانية وتحقيق رغبتهم باللعب على كرت تحسين العلاقات السودانية مع واشنطون، وبالضبط هذه هي قناعة الخارجية السودانية لذلك عبأت رداً لا يخلو من الاستغناء الفظ أمام مطلب تم تقديمه في سياق النصح وذلك لإحساسها بأن بوث يحاول تقديم خدمة للقوى المعارضة باللعب على أمنية السودان – كما يظن هو – بتحسين العلاقات مع واشنطون مهما كان الثمن.

والحقيقة التي أراها هي أن الولايات المتحدة الأمريكية لو كانت قد قدمت (السبت) تجاه السودان بخطوات عملية تجعل السودان يشعر على الأقل بحيادها وجديتها في معالجة هذا الملف لوجدت نصيحة بوث التقدير الكامل وربما وجدت الاستجابة، لكن أمريكا لم تترك (خاطراً لها) عند الحكومة السودانية حتى تستحق في مقابله التقدير أو المجاملة لو صح التعبير.

المزعج في الأمر أن الطريق بين الخرطوم وواشنطون يزداد وعورة في كل يوم ولا نكاد نبصر أمامنا أية بارقة أو بصيص أمل.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي