عبد الجليل سليمان

لماذا أنت في السودان


[JUSTIFY]
لماذا أنت في السودان

قال (براين شميت) الحائز على جائزة نوبل للفيزياء لهذا العام لديلي ميل البريطانية “إنه عندما يفوز أحد بجائزة نوبل، فهي بالتأكيد جائزة نوبل، إذ تقارب إلى حد بعيد حجم الميدالية الأوليمبية، وتزن نصف رطل من الذهب الخالص، وعندما فزت بالجائزة طلبت جدتي التي تقطن في (فارجو) شمال ديكوتا، أن تراها، فقررت أن أذهب بها إليها”.

هذا التصريح جاء في أعقاب إيقافه من قبل سلطات أمن مطار ولاية نبراسكا وحققت معه حول حيازته للجائزة. حيث نسبت صحيفة (ديلي ميل) إلى (شميت) البالغ من العمر 47 قوله “أثناء تمرير حقيبتي على جهاز الأشعة، رأيت التوتر في أعينهم، سألوا: هناك شيء في حقيبتك سيدي؟ فقلت: نعم أعتقد أنه هذا الصندوق، فقالوا ماذا بالصندوق؟ قلت ميدالية، إنها ميدالية ذهبية كبيرة، ثم فتحت الصندوق، وسألوا من ماذا صنعت قلت من الذهب، ومن أعطاك إياها، أجبت ملك السويد، ولماذا؟ أجبت لأنني ساعدت في اكتشاف (تسارع توسع الكون)، عند هذه النقطة فقدوا حس الفكاهة! فأوضحت لهم أنها جائزة نوبل، لكن سؤالهم الرئيس ظل هو: لماذا أنت هنا في (فارجو)”.

القصة (اللذيذة) هذه، يُمكن تأويلها لأغراض أخرى، وبحيثيات أخرى، ونسبتها بالتالي إلى شخوص وأمكنة أخرى.

إذن لماذا أنت في السودان؟ تسأل نفسك وأنت تقرأ الأخبار “صحفي سوداني مُقيم في الخارج يفوز بجائزة كذا، باحثة سودانية مقيمة في الخارح تفوز بكذا، فيلم سوداني أنتج في الخارج يفوز بجائزة كذا، راعي ضان سوداني يفعل كذا وكذا، مواطن سوداني يكرم بسبب أمانته في دولة (كذا وكذا)”.

وهنا لا أحد يفوز بشيء، ولا أحد تأمنه على مالك الخاص ولا على خزائن (البلاد والعباد)، لأن هنا كل شيء منقسم ومنفصم، حتى الناس (يغنون بلسان ويصلون بلسان)!

(شميت) الذي يعمل في الجامعة الأسترالية، قطع تلك المسافة الطويلة بين السويد وأمريكا كي يحقق رغبة (جدته) لترى الميدالية النوبلية التي حازها حفيدها (الشاب)، لكن أمن المطار لم يفقد (حس الفكاهة) كما قال (شميت)، لأن الفكاهة ليست جزءاً من عمله.

كذلك نحن في الصحافة حين نطرح السؤال، لماذ أنت في السودان؟ لا ننشد أن نكون فكهين، بل هو سؤال مركزي، في ظل (نزيف) العقول، وهجرة الكوادر المدربة والمؤهلة، ولا أحد يستطيع أن يوقفها، لأنها إن ظلت هنا فسوف تصاب بالذبول ثم تموت، فما الخطوات الأولى التي ينبغي القيام بها حتى يصبح سؤال مثل “لماذا أنت في السودان؟” مطروحاً لمجرد المرح والفكاهة!

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي