انتحار..
أخبار مفزعة حفلت بها صفحات الجريمة في صحافة الخرطوم أمس، ولا نعني بالأخبار «المفزعة» كل أنواع الجريمة ، لكننا نعني تلك الجرائم المفضية إلى الموت، أي جرائم القتل انتحاراً أو على يد الغير.. ونقدم بعض النماذج، ثم نعلق عليها في آخر هذه المادة.
٭ توفي طالب ثانوي قبالة «برّي» بعد أن زلت قدمه داخل النهر وكان ـ رحمه الله ـ في رحلة صيد وسباحة مع اثنين من أصدقائه هناك، ودونت الشرطة بلاغاً تحت المادة «51» إجراءات وهذه المادة تعني الوفاة في ظروف غامضة.
٭ عثرت الشرطة في أم درمان على جثة «عروس» طافية في النيل، وتم نقل الجثة إلى المشرحة لمعرفة أسباب الوفاة، بعد أن كانت الشرطة قد تلقت بلاغاً يفيد بأن فتاة سقطت من أعلى كوبري النيل الأبيض القديم، الرابط بين أم درمان والخرطوم قبل عدة أيام، وظلت الشرطة تبحث عن الجثة إلى أن تم العثور عليها مؤخراً.
٭ أيضاً في مدينة الصحافة بالخرطوم، شرعت سيدة في الثلاثينيات من العمر، في الانتحار لأن زوجها تزوج عليها من أخرى. وهذه القضية واضحة التفاصيل والأركان وللانتحار دوافع خاصة رغم حرمته، لكن يبدو أن ضعف الوازع الديني ـ دائماً – هو السبب وراء كل جرائم الانتحار وأكثر جرائم القتل، لأن الأخير فيه الدفاع عن النفس أو المال أو العرض، قد لا يكون للقاتل المدافع عن ابنه ونفسه وعرضه ووطنه تبعات قانونية، وربما يصبح بطلاً، وإذا مات كان شهيداً في الدرجات العلى من الجنة.
المشكلة تكون دائماً في «الانتحار» لأنه إزهاق اختياري للروح التي لا يملكها سوى الله، ووضع حد لحياة المنتحر كأنما الموت موقف اختياري أو نهاية في زمن خاص، ويقول كثير من العلماء إن المنتحر عادة هو شخص ضعيف لا يتحمل الفشل أو الإخفاق، ولكن هناك أسباب أخرى مثل فقدان عزيز ارتبط به المنتحر أو المنتحرة بـ «الهجر» مثلما في حالة السيدة التي حاولت الانتحار بسبب اقتران زوجها بأخرى، أو بسبب «موت» عزيز من داخل الأسرة أو خارجها، وقد حدث قبل سنوات أن شاباً انتحر داخل أسوار المقابر بأم درمان بشرب كمية كبيرة من الصبغة القاتلة، وذلك خلال مواراة جثمان أمه التي ارتبط بها كثيراً للثرى، وقد وقفت في حياتها على تربيته وتلبية حاجاته.
وهناك انتحار أكثر غباء من غيره، وهو الموت أو قتل النفس من أجل آخر لا تربط بينه وبين المنتحر أية رابطة، سوى الإعجاب، مثلما يحدث من حالات انتحار ـ خاصة في الغرب الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية عقب وفاة نجم سينمائي أو مغنٍ كبير، وهذه حالات نادرة في مجتمعاتنا الشرقية، لذلك ستظل وفاة الفنانة المصرية أميمة عبد الوهاب عام 1977م «انتحاراً» من أشهر حالات الانتحار في مصر وفي كثير من الدول العربية والإسلامية، ذلك لأنها ألقت بنفسها من الطابق السابع عقب الإعلان عن وفاة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وقد جاءت قفزتها القاتلة من شقة الفنان الراحل بعد أن ذهبت إليها للتأكد من صحة الخبر.
من أشهر حالات الانتحار أيضاً مصرع أيمن السويدي زوج المطربة التونسية ذكرى التي ماتت مقتولة، ثم مصرع الكاتبة المصرية أروى صالح، وإسماعيل أدهم الكاتب المصري المعروف الذي ألقى بنفسه في البحر على شاطيء الإسنكدرية قبل سنوات طويلة في عام 1940م وهو مؤلف لعدد من الكتب أشهرها «لماذا أنا ملحد؟» الذي أثار ضجة كبرى عقب صدوره.
أما قوائم المنتحرين عالمياً فهي تضيف كل يوم منتحراً جديداً منذ انتحار الملكة الفرعونية «كليوباترا» بلدغة ثعبان «كوبرا» على ذراعها وتجرعها كأس سم قاتل مع تلك اللدغة، فقد حمل قطار المنتحرين أسماء وجثث كثيرة من بينها «هتلر» ووزير دعايته «جوبلز» وابنة الملياردير اليوناني الأشهر «أوناسيس» الذي تزوج من أرملة الرئيس الأمريكي «جون كيندي»، وقد انتحرت ابنة «أوناسيس» المسماة «كريستينا» بابتلاع عدد كبير من الحبوب المنومة.. وقبلها بقرون انتحرت الملكة «زنوبيا» ملكة تدمر بالسم بعد أن تم أسرها من قبل الرومان.
القائمة تطول.. والسبب هو ضعف الإيمان، وفقدان الأمل أي اليأس من أن يحدث تغيير إيجابي ما في المستقبل.
اللهم أحفظنا وأحفظ بلادنا وأبناءنا وبناتنا وقوَّ إيماننا وإيمانهم بك، وأجعل نورك في عقولهم وقلوبهم وتوفنا مسلمين.. آمين.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]