عبد اللطيف البوني

اعلام مطفف


[ALIGN=CENTER]اعلام مطفف [/ALIGN] من البديهيات التي تدخل في باب اعادة اختراع العجلة القول بان هناك اعلاماً عالمياً يتبع لمراكز القوى العالمية فالذين يسيطرون على العالم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا يعولون كثيرا على السيطرة الاعلامية باعتبارها غاية ووسيلة ولكن رغم هذه البديهية الا اننا نحتاج من وقت لآخر كي نتفحص واقعنا الراهن لرؤية نماذج من هذه السيطرة لا اثباتها لانها مثبتة، بل لرؤية آلياتها عسى ولعل ان نتمكن يوما من الخروج من ربقة هذه السيطرة ولو بنسبة محدودة. الانتخابات الايرانية وما صاحبها من احتجاجات على النتيجة كانت مادة دسمة للاعلام العالمي فمن خلال متابعتنا للجزيرة وللقسم العربي لهيئة الاذاعة البريطانية لم نجد فرقا بينها وبين صوت امريكا والحرة والعربية فقد تم تصوير الامر كأنه نهاية للجمهورية الاسلامية حتى بعد ان توقفت المظاهرات الاحتجاجية كانت الاخبار تبث بمصاحبة صور من ارشيف ايام المظاهرات، واحياناً يكتب على استحياء صورة من الارشيف وللحظات محدودة عندما سحب رضائي وهو احد المرشحين الخاسرين شكواه لم يذاع هذا النبأ0 المظاهرات التي كانت موالية لنجاد لم تحظى بأية تغطية وان كانت الجزيرة تستضيف الموالين له للرد على مناصري موسوي- اي- بالكلام فقط.
في الايام المنصرمة طغت احداث اليمن المتعلقة بالحوثي والذين يطالبون بالانفصال في اقليم الضالع وكانت من الاخبار الرئيسية في كل القنوات الناطقة بالعربية والكل يعلم ان دعاة الانفصال في اليمن عددهم محدود جدا وان المناوئين لهم في اليمن الجنوبي اكثر من اليمن الشمالي ولكن هذا الاعلام مصر على( النفخ ) فيهم وفي شعارهم تقرير المصير بينما ظل هذا الاعلام ينقل بحياء شديد المجازر التي ترتكب في وادي سوات الباكستاني حيث( دفقت) ادارة اوباما المليارات من الدولارات للجيش الباكستاني تحت اسم مكافحة الارهارب.
عندما اصدرموتمر قمة الاتحاد الافريقي الاخير في سرت قراره برفض التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية كانت الـ (بي بي سي) تذيع هذا الخبر مصحوبا بتصريح لوزير خارجية بتسوانا يقول فيه ان بلاده سوف توقف البشير ولن تلتزم بقرار الاتحاد، لا بل كان تصريح الوزير البتوساني يأتي في مقدمة النشرة وظلت تكرره ليومين وكأن بتسوانا اعظم واقوى دولة في العالم في حين انها لم تورد تصريحات يحيى جامع رئيس غامبيا التي وصف فيها المحكمة بأنها أداة استعمارية لا بل وصليبية والمعلوم ان غامبيا عضو في المحكمة الجنائية الدولية مثل بتسوانا. لقد سعت هذه الاذاعة لقتل خبر قرار الاتحاد بحيل اعلامية ذكية.
احتجاجات الشعب الايغواري في اقليم سينغ يانغ الصيني حظيت بتغطية اعلامية واسعة وقبلها احداث التبت فقناة الجزيرة بالاضافة للاخبار والتقارير المصورة افردت لها حلقة في برنامج ما وراء الخبر اما اذاعة لندن فقد افردت لها حلقة في حديث الساعة وكل هذا يمكن ان يدخل في باب تجويد المهنة لكن (تعال شوف) ماذا اعطت هذه المحطات لعملية( الخنجر) التي تقوم بها القوات الامريكية في اقليم هلمند في افغانستان وهذه العملية عرفت بانها اكبر عملية للمارنيز منذ حرب فيتنام والعدد المعلن للمشتركين فيها يتجاوز الاربعة آلاف جندي لقد اعطتها النذر اليسير. فالموضوعية تقتضي ان اعطيت التبت والسينغ يانغ والحوثي والضالع دقيقة تغطية يجب ان تعطي عملية الخنجر عشر دقائق 0 لقد استطاعت قناة الجزيرة كسر الحصار الاعلامي في عملية غزو افغانستان في مطلع هذة الالفية ولكن يبدو ان ماحدث لتيسير علوني وسامي الحاج كان مؤشرا لما هو اعمق.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
بتاريخ11/7/2009)
aalbony@yahoo.com