عثمان ميرغني

تأشيرة (هروب) مجاني!!..


[JUSTIFY]
تأشيرة (هروب) مجاني!!..

ظاهرة غريبة ومثيرة للدهشة بدأت تطلّ في سفور مرعب.. يبدو أن الشعب السوداني الذي يقف في طوابير طويلة أمام بوابات السفارات؛ للبحث عن تأشيرة (هروب) من الوطن.. ونصفه الآخر الذي (قد السلك)، ويهرب عبر الحدود حتى بلا تأشيرة، ولا أوراق ثبوتية.. يبدو أنه أخيراً وجد طريقة أخرى للهروب من البلد.
خلال أيام قلائل تتكرر ظاهرة الموت شنقاً بالحبل المتدلي من فروع الأشجار.. فاليوم تنشر (التيار) في صفحتها الأولى خبر رجل نال تأشيرة خروج من الوطن بالموت شنقاً بحبل يتدلى من فرع شجرة.. وهو الرابع في أسبوع واحد.
دون خوض في التفاصيل الجنائية لهذه الحوادث فهي لدليل سافر على أن الحال استعصى على الرجال.. فالأمر لا يقف عند هذه الحوادث الجنائية، بل يتعداها إلى واقع آخر في موقع آخر.
الأول بقراءة سجلات محاكم الأسرة تظهر حالة انهيار شنيع للأسرة السودانية.. قصص لا تصدق، وأرقام مهولة لأسر تتحطم كل يوم.. تسقط في صمت دون أن تجد حتى مجرد دمعة حزن (أي دمعة حزن.. لا.. لا) على قول الفنان المصري عبد الحليم حافظ..
كلف نفسك بزيارة أية محكمة شرعية.. طوابير من طالبات الطلاق؛ بسبب هروب الزوج، أو غيره من الأسباب المرتبطة بالواقع الاقتصادي.. شابات في (عمر الدوالي) يحملن أطفالاً رضع أو أكبر قليلاً ويطلبن تأشيرة إنهاء رحلة الزواج بعد أن هرب الزوج لينجو بجلده من واقعنا المرير تاركاً الأسرة لمصيرها المحتوم.. في دهاليز المحاكم.
الأرقام التي حصلتُ- شخصياً- عليها من بعض المصادر غير الرسمية تبدو مخيفة.. بعضها يتحدث عن حالة طلاق بين كل ثلاث زيجات.. أي أن ثلث المجتمع ينهار ويسقط.
والشاهد الثاني على سوء الحال السوداني.. من مستشفيات الأمراض العقلية (مثل مستشفى التجاني الماحي بأم درمان).. شباب وشابات لم يصمد صبرهم في مواجهة الريح العاتية.. تعطلت قوى التمييز في عقولهم من فرط الضغوط..
والشاهد الثالث.. وهو الأخطر والأنكى.. أفواج الشباب التي تنضم كل يوم إلى قائمة المدمنين.. وأقول هؤلاء هم الأخطر؛ لأن فجيعتهم مصدر ثراء لتجار المخدرات.. فوراء كل شاب مدمن رجل آخر أدمن متعة المال الملطخ بشقاء الآخرين.
نحن في حاجة ماسة إلى قرع أجراس الإنذار بكل قوة.. المجتمع يتهاوى.. أمام أعيننا.. لا أحد آمن مهما ظنّ أنه آمن.. فالخطر الذي يتحرك في مجتمعنا لا يعلم أحد من يكون ضحيته التالية..
هذه مهمتنا في السلطة الرابعة أن نصرخ بأعلى صوتنا لنسمع الصمت المفجع الذي يكبل همة البحث عن مخرج.. فالسادة الساسة مشغولون في معاركهم.. وطاحونة الحياة اليومية تلتهم ما تبقى من أحاسيسهم.
المجتمع السوداني يغرق.. يغرق.. ويتنفس تحت الماء..
[/JUSTIFY]

عثمان ميرغني
حديث المدينة – صحيفة التيار
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]


تعليق واحد

  1. ظاهر عليك كنت مساهر مع شريط عبد الحليم حافظ استعرت معظم أغانيه على سبيل المثال(أي دمعة حزن لا ..) (أتنفس تحت الماء .. أغرق .. أغرق) (أدمن متعة المال الملطخ بشقاء الآخرين) (طاحونة تلتهم ما تبقى من أحاسيس) …. الله عليك يا حليمو الله عليك يا عثامينو ههههههه