مصعب .. شكراً شرق النيل
:: قبل ثلاثة أشهر، عرضت حالة ( الطفل مصعب).. فيصل وتماضر، من إحدى قرى شندي، تزوجا وأنجبا (ملاذ)..لم تعش ملاذ، ماتت في عام ميلادها بداء مجهول .. ثم أنجبا ( مازن)، ومات في عام ميلاده بذات الداء .. فأنجبا ( نون)، وماتت في العام ميلادها الثالث بذات الداء..هكذا كان القدر ومقدار صبر الوالدين ..ثلاثة أطفال، طفلا تلو الآخر، ماتوا بداء مجهول..ثم كان الحدثالسعيد إنجابهما ( مصعب)، في العام 2009.. ولكن قدًر الله وما شاء فعل، إذ تفاجأ فيصل وتماضر بأعراض الداء – الذي تسبب في وفاة ملاذ ومازن ونون – تظهر في ( مصعب أيضاً)..وهنا بدأت الأسرة رحلة البحث عن التشخيص والعلاج.
:: بمشافي الخرطوم، أثبت التشخيص أن مصعب بأن مصاب بداء (تايروسو ينيميا).. من الأمراض النادرة، ويتسبب في عدم نمو جسم الطفل لعجزه عن إمتصاص البروتين.. بهذا الداء مات مازن وملاذ ونون، وبهذا الداء يرقد مصعب حاليا في العناية المركزة بمستشفى شرق النيل..ولأن لكل داء دواء بفضل الله، يقرر الطب علاج مصعب بإجراء عملية زراعة الكبد أو باستخدام أقراص ( أورفادين 10 م ج.)، مدى الحياة .. ومنذ أربعة أعوام ونصف العام، يعيش مصعب بهذه الأقراص..سعرها – إذ وُجدت الأقراص – ( 20 مليون شهرياً)، والأسرة عفيفة.. ولهذا تنتكس حالة مصعب بين الحين والآخر عندما يفقد الأقراص، ويترك رياض الأطفال و يدخل (العناية المكثفة).
:: والمشافي لا توفرهذا الدواء لمصعب، ولايوجد – أصلاً – بالسودان..ولذلك يجلس فيصل وتماضر بالساعات أمام الحاسوب ويراسلا الشركات والمنظمات بحثا عن الأقراص..ويُسخر الله لهم الأخيار، وتصل الأقراص .. ومنذ خمسة أعوام ، مصعب وأسرته لايعرفون من يرسل لهم الأقراص من السويد، وكذلك لايعرفون الطبيب السعودي الذي أرسل ما يكفي ( ستة أشهر)، ولا المستشار القانوني الذي يبحث معهم ويجتهد في توفيرها ولايزال يجتهد.. وهذه الأقراص ليست علاجاً ناجعاً، ولكنها تخفف على مصعب (وطأة الداء)، وتمكنه من اللعب مع الرفاق في رياض الأطفال.. والعلاج الناجع – باذن الله ورعايته- هو عملية (زراعة الكبد).
:: ولايُمكن إجراء هذه العملية في منطقتنا هذه إلا في ( مستشفى الملك فيصل التخصصي)..ولايزال البروف محمد الصفيان- نائب رئيس قسم جراحة الكبد بمستشفى الملك فيصل – ينتظر وصول مصعب إلى مشفاه ليجري له العملية ( مجاناً)..ولكن، دخول مصعب إلى مستشفى الملك فيصل بحاجة إلى كرم سفير خادم الحرمين الشريفين بالسودان وجهد أبناء السودان الأخيار بالرياض..توجيه ملكي يفتح باب الحياة لمصعب – باذن الله – عبر مستشفى الملك فيصل، ولازلنا في إنتظار مساعي سفير السودان بالمملكة وبعض أهل الخير الذين يجتهدون بالخرطوم والرياض بحيث يتلقى المستشفى التوجيه الملكي الخاص ب(حالة مصعب).
:: وظل مصعب بالعناية المركزة بمستشفى شرق النيل منذ تاريخ تلك الزاوية..ولكن ظهر أمس، بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر في (العناية المكثفة)، قضى منها خمسة وسبعون يوماً في (التنفس الصناعي)، كأطول فترة يقضيها مريض، وبعد أن توقف قلبه ثلاث مرات ثم أعيد النبض بواسطة (الإنعاش القلبي)، بعد كل هذا العناء، غادر حبيبنا مصعب المستشفى مُعافياً و (فرحاً بالحياة)..!!
:: فالشكر لله، ثم لملائكة الرحمة والإنسانية بمستشفى شرق النيل وهم يتطوعون ويدثرون مصعب بالعناية طوال هذه الفترة..شكراً د. كمال عبد القادر، د. عبد المنعم حامد، د. أحمد أبوسلب، د. هند عجباني، وكل الكادر الإداري والطبي وكادر التمريض..وشكراً لمن زاره متفقداً ومؤازراً أسرته، وهم كُثر .. والعلي القدير الذي سخًر هؤلاء الكرام لمصعب حتى تجاوز (المراحل الحرجة)، لن يعجز عن تذليل الإجراءات وتسهيل وصوله إلى مستشفى الملك فيصل ليتعافى، فأنت نعم الوكيل لمصعب وأسرته يا الله ..!!
[/JUSTIFY]الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]