عبد اللطيف البوني

ومن القاهرة كلام


[ALIGN=CENTER]ومن القاهرة كلام[/ALIGN] وليس أخيراً ظهرت كرة اللهب الدارفورية في سماء القاهرة، فهذه الكرة ظلت متقاذفة بين المدن منذ العام 2005م وفي كل مدينة تتزود بالمزيد من الزيت وتنطلق الى مدينة اخرى. بدأت بأبشى ويومها كانت قابليتها للاحتواء كبيرة ثم انتقلت الى انجمينا، فأتسع حجمها ومنها ركبت الطائرة الى طرابلس، وبعدها خرجت من دول الجوار الى أبوجا حيث اكتسبت حجماً دولياً، فكان المؤمل أن تكون أبوجا المحطة الاخيرة لأن اوباسانجو وزوليك وبرانكو أقسموا بأن لا تتغير ولا شولة، ولكن ابوجا أصبحت تكريساً لشرخ جديد في جدار دارفور ثم بذات الشرخ خرجت من افريقيا الى الدوحة (اللذيذ تفاحها) وها هي بالأمس تفاجئنا بالظهور من القاهرة ولاندري أين سوف تظهر بعد غد. وليكن الله في عون أهلنا في دارفور الذين يقول لسان حال مغنيهم (سهران ليلي طائل وحارس بدر غائب آه من جور زماني ومابي من مصائب).
قبل أن نتوقف عند محطة القاهرة لابد من كلمتين في حق قطر، هذه الدولة الشقيقة الصغيرة مساحة الكبيرة مقاماً، هذه الدولة ولما لها من دبلوماسية هادئة ورزينة ومتوازنة استطاعت ان تلعب دوراً ايجابياً في كثير من ملفات الأزمات العربية، ولعل أبرزها ملف لبنان ثم امسكت بالملف اليمني وأسهمت في الملف الموريتاني، فقد أصبح قدرها ان تكون حمامة سلام، لذلك كان تدخلها على ملعب دارفور تدخل فاعل خير وليس قاطع طريق لقد بذلت جهداً مقدراً في الاقتراب الصحيح من المسألة الدارفورية وتحركت في اتجاهات ثلاث التفاوض بين الحكومة وحاملي السلاح واصلاح العلاقات بين تشاد والسودان ثم توحيد الفصائل الدارفورية، وقد أمسك بهذه الملفات سمو أمير قطر شيخ خليفة بن حمد آل ثاني بنفسه ثم وزير الخارجية شيخ حمد بن جاسم ثم وزير الدولة بالخارجية شيخ احمد بن عبد الله آل محمود.
الخلافات المصرية القطرية لم تعد خافية، لقد خرجت من الغرف الدبلوماسية المغلقة الى الهواء الطلق، ففي برنامج لقاء اليوم بقناة الجزيرة قبل اسابيع معدودة استضاف احمد منصور سمو وزير الخارجية القطري وكانت كل الحلقة تقريباً مكرسة للخلافات المصرية القطرية التي كادت تصل مرحلة القطيعة الكاملة وهذا يتضح في تدني مستوى التمثيل المصري في قمة الدوحة العربية الاخيرة.
الامر الذي لا يحتاج الى اعمال قدر من النظر ان مفاوضات دارفور في الدوحة قد اصطدمت بعقبة الخلاف المصري القطري وازداد الامر سوءاً بالتعقيدات التي ظهرت بين وفد الحكومة ووفد حركة العدل خاصة مسألة الأسرى، فكانت النتيجة ان رفعت تلك المفاوضات لشهرين حسب المعلن، ففي هذا الاثناء وتحديداً بالامس ظهر وزير الخارجية المصري السيد احمد ابو الغيط على أجهزة الاعلام معلناً ان مصر تستضيف الآن قادة معظم الفصائل الدارفورية في سبيل توحيدهم من أجل مفاوضات مع الحكومة، وتزامن ذلك مع زيارة السيد رئيس الجمهورية للقاهرة زيارة رسمية وكبير،ة فهذا يعني ان مصر قد دخلت على ملف دارفور(على تقيل).
مصر دون شك ليست وافدة على دارفور وعلى أي شأن سوداني آخر، فهي شريك أصيل وتماس أمنها مع الأمن السوداني لا يحتاج الى درس عصر، وفاعليتها ليست موضوع مساءلة لا بل ان المراقبين في البلدين يعيبون على مصر تأخرها على ما يحدث في السودان ويتساءلون عن المخفي في السياسة المصرية تجاه السودان لأن الناس شهدوا عهداً كانت مصر لا تعرف أي حياد في سياستها تجاه السودان.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
بتاريخ14/7/2009)
aalbony@yahoo.com