عبد الجليل سليمان

أمن البحر الأحمر


[JUSTIFY]
أمن البحر الأحمر

حين تأتي هذه السيرة، يتحدث الجميع إلاّ نحن، فبعد سيطرة الحوثيون على مدينة (يريم) التابعة لمحافظة إب، وقبلها على أجزاء من ساحل تهامة المطل على باب المندب خاصة ميناء الحُديدة، وفي إشارة إلى إمكانية التدخل عسكرياً، في حالة تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وقناة السويس، عبر مضيق باب أجرت قوات البحرية المصرية بحضور الرئيس السيسي وكبار القادة العسكريين مناورات. وفي المناورات أشار الفريق أسامة الجندي (قائد البحرية المصرية)، إلى إمكانية التدخل لحماية الأمن القومي المصري، بقوله: “إن بلاده تتابع الموقف في اليمن يومياً وتأثيره على مضيق باب المندب وإن أي خطر على الأمن القومي سيتم التعامل معه بحسم”.

ورغم أننا الأقرب جغرافياً إلى باب المندب مقارنة بمصر، لكن لم تصدر عنّا أيِّ ردود أفعال تجاه سيطرة قوة مسلحة (مليشوية) ذات أجندات خارجية على مناطق استراتيجية في البحر الأحمر حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على (الإطلالات اليمينة) على باب المندب.

الحوثيون وبغض النظر عن المواقف السياسية والفكرية تجاههم (سلباً أو إيجابياً)، لكنهم من الوجهتين (الجيوبولتيكية والعسكرية) يمثلون (مليشيا مؤدلجة) وخطيرة على الأمن القومي للدول المطلة على البحر الأحمر. أما من الوجهة الديمغرافية، فإن لهم امتدادات سُكانية مقدرة ضمن يمنيون غيرهم في كل الدول المجاورة، فالجاليات اليمينة التي تحوز على حق المواطنة في دول الجوار وبعضهم (بينهم حوثيون) يتبوأ مناصب أمنية (حساسة) في تلك الدول تبلغ في السعودية (350) ألفاً، إثيوبيا وإريتريا (220)، الصومال أكثر من (75) ألفاً، وجيبوتي (53) ألفاً، أما في السودان فلا توجد إحصائيات دقيقة.

الآن، وبغض النظر عن الصراع الداخلي في اليمن، وأبعاده الأقليمية، وهذا (يهمنا) بالطبع، لكنه لا يهم موضوع هذه الزاوية، وإنما يهمها موقفنا من نتائجه وأثرها على أمن البحر الأحمر، لأن الصراع حوله صار يتبوأ المكانة الأولى في سلم الاهتمامات الدولية.

لذلك علينا أن ننتبه لما يدور حولنا، فجزيرة (بريم – بالباء المكسورة) التي يخطط الحوثيون للاستيلاء عليها ليست مدينة (يريم/ بالياء) في وسط اليمن، المُسيطر عليها حالياً من قبلهم، وإنما هي جزيرة تشطر باب المندب قناتين، شرقية عرضها ميلان وعمقها أقل من مائة قدم، وغربية عرضها تسعة أميال وربع، وعمقها ألف قدم تقريباً، وتجرى كل العمليات الملاحة عبر القناة الغربية على طريق يبعد ميلين عن جزيرة بريم، وسبعة أميال عن الساحل الأفريقي.

منذ الآن، انخرطت كل الدول المطلة على البحر الأحمر (عدانا بالطبع)، في أمرين: أما التفاوض سراً مع حكام اليمن الجدد، أو إرسال رسائل مباشرة وغير مباشرة بمعنى أننا موجودون، ولن نسمح لمن لا يشركنا في الأمر بكسر أعناقنا.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي