مصطفى أبو العزائم

العدل والمساواة .. والدستور


[JUSTIFY]
العدل والمساواة .. والدستور

يستخدم الثوار دائماً عبارات براقة، وشعارات أكثر بريقاً من أجل جذب الآخرين إلى قضيتهم، فعندما ثار الفرنسيون في الرابع عشر من يوليو عام 1789م – ألف وسبعمائة وتسعة وثمانين ميلادية – كان شعار الثوار وخطباء الثورة المرفوع في مواجهة النظام الملكي المطلق هو (حرية.. إخاء .. مساواة) والمعنى واضح، وقد نجح الثوار في الإطاحة بحكم الملك لويس السادس عشر وتم إعدامه في العام 1793م – ألف وسبعمائة وثلاثة وتسعين – وصدر قبل ذلك إعلان حقوق الإنسان وحدثت تحولات ضخمة في فرنسا بإلغاء الامتيازات الإقطاعية والدينية وبروز جماعات اليسار السياسي لأول مرة على مسارح السياسة العالمية.. واعتبر كثير من المؤرخين أن الثورة الفرنسية هي (أم الثورات) بما أفرزته من فكر جديد وتحولات غيرت الخارطة الاجتماعية في فرنسا.

اقترن العدل دائماً بالمساواة، والإسلام يؤكد على أن الناس – كل الناس – سواسية كأسنان المشط، ولا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، وأنهم متساوون في الحقوق والواجبات، ولم نكن ونحن صبية صغار نعرف تلك المعاني الكبرى، وما تعرفت على هاتين الكلمتين إلا من خلال إحدى أشهر روايات الكاتب المصري العالمي الكبير الأستاذ نجيب محفوظ، وهي رواية (اللص والكلاب) التي صدرت في العام الثاني من العقد السابع بالقرن العشرين، وهي رواية تقوم على الصراع بين (اللص) سعيد مهران و(الكلاب) الذين هم المجتمع وذلك الصراع هو الخيط الرابط بين كل الأحداث، وقد وردت المفردتان (العدل) و(المساواة) نصاً في تلك الرواية، ثم في الفيلم السينمائي المأخوذ عنها.

المفردتان (العدل) و(المساواة) يقابلها في الجانب الآخر للمعنى مفردتان أخريتان هما (الظلم) و(التمييز)، ومسؤولية الحاكم دائماً أن يعمل على إزالة الظلم إن وجد، وإلغاء التمييز إن كان هناك تمييز بين الناس أو الطبقات.

الذي يحدد العدل في الحكم والمساواة بين الناس، هو الدستور الذي يصفه الخبراء والساسة والمختصون بـ (أب القوانين). لذلك يكون الحوار بين القوى السياسية المتصارعة على مقاعد الحكم – سلماً أو حرباً – هو مفتاح التقارب بينها تمهيداً للاتفاق على وضع دستور ترضى به كل القوى السياسية، دستور لا يكرس سلطة فرد أو نظام أو فئة أو طائفة أو حزب، بل يكرس للديمقراطية في الوصول إلى مقاعد الحكم من خلال الإرادة الشعبية، وهي الانتخابات.. الآن على الحكومة وحلفائها وخصومها وضع ورقة الدستور على مائدة الحوار، وطرحها على منظمات المجتمع المدني والفئات والشرائح المختلفة المكونة للمجتمع السوداني بأكمله، نتفق على أبرز أهدافها وملامحها أولاً.. وبعد ذلك سيصبح طريق الحكم ممهداً للسير فيه… دون عقبات.

هذه المادة مهداة إلى المؤتمر الوطني وهو يفتتح صباح اليوم أولى جلسات المؤتمر العام الرابع للحزب.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]