ضياء الدين بلال

المتعافي.. مرة أخرى!


[JUSTIFY]
المتعافي.. مرة أخرى!

-1-

قبل أن أغادر المنزل متوجهاً إلى الصحيفة، لَفَتَ انتباهي تقرير صباحي بقناة الجزيرة، عن موقع إلكتروني جديد، أنشئ لهدف طريف ومثير.
مجموعة من الشباب، أنشأت الموقع بغرض كشف وفضح الأخبار المضروبة، والصور والمستندات المزوّرة، التي أصبحت تغزو الشبكة العنكبوتية بكثافة هائلة.
رسائل الواتساب وبوستات الفيسبوك، في كل يوم تنقل معلوماتٍ وصوراً تتضمن شائعات تستهدف جهاتٍ أو أفراداً بعينهم.
بعض هذه الشائعات، تدخل عالم الأسافير من بوابة التسلية العابثة، والكثير من الشائعات تعد بغرض الكيد، وإلحاق الأذى بجهات أو أفراد.
-2-

شائعات التسلية عادة ما تتعلق بأخبار كاذبة عن وفاة نجم مشهور، مثل الشائعات الأخيرة عن رحيل الملاكم العالمي محمد علي كلاي، ووفاة المطرب السوداني النور الجيلاني.

في العادة، سرعان ما تكتشف حقيقة شائعات التسلية، بنفي الخبر من الجهات المعنية (الاعتبارية أو الشخصية)، وقد يضطر النجم للخروج إلى العلن، لنفي خبر وفاته.
أخطر أنواع الشائعات، هي الشائعات الكيدية، التي تعد وفق مواصفات فنية عالية الجودة ومُحكمة الحبك، وبغرض معلوم، وهو تشويه السمعة أو الاغتيال المعنوي.

ما يجعل الشائعات الكيدية قابلة للتصديق والرواج، أنها تحتوي في الغالب على بعض المعلومات الصحيحة، ممزوجة بكثير أو قليل من الأكاذيب.
وأكثر تلك الشائعات قوةً ورواجاً، تلك التي تتوافق مع الصورة الذهنية المرسومة للشخص المستهدف بالشائعة.
-3-

بإمكان أي شخص كائد أو عابث، أن يُقحم اسم دكتور عبد الحليم المتعافي في أي صفقة أو مشروع تحيط به الريب والظنون، ويطلق شائعة ذات صلة بالرجل والمشروع، وسرعان ما تجد الرواج على نطاق واسع، والتصديق لدى كثيرين.

دكتور المتعافي، شخصية جاذبة للشائعات، منذ أن كان والياً على الخرطوم وإلى اليوم، رغم وجوده خارج الدوائر الحكومية.

ربما أسهم المتعافي في صناعة تلك الصورة الذهنية التي تجعله دوماً عرضة للاتهامات، ومصدراً للشائعات من ذلك النوع وتلك الخامة.
-4-

القصة الأخيرة التي راجت في الأسافير لأكثر من أربعة أيام، وأنجز فيها الزميل الأستاذ عبد الحميد عوض، المحرر العام لـ(السوداني) عملاً استقصائياً مميزاً، نُشر في عدد الأمس؛ توضح حقيقة أن الشائعات لا تكفُّ عن مطاردة المتعافي.

من الأوراق والمستندات، وأقوال بطل قصة شركة لآلئ البركة، الشاب الصغير عثمان الكسلاوي، يتضح أن اسم المتعافي هو الذي أعطى القصة رواجاً إسفيرياً واسعاً رغم كثرة الثقوب.

من داخل المستندات المتداولة، من السهولة إثبات أن القصة ضعيفة من حيث البناء المنطقي، وهزيلة من حيث الحبكة الدرامية.
كيف يعنون خطاب إلى مدير جهة هي غير موجودة في الأساس، حيث لا يوجد مسجل تجاري بالخرطوم. فالمسجل التجاري جهة اتحادية، وليست ولائية.

المضحك أن الخطاب حمل اسم (جمهورية السودان الديمقراطية)، والجميع على علم أن صفة الديمقراطية سحبت من اسم السودان قبل أكثر من ثلاثين عاماً!
-5-
المتعافي واجه الرواية بشجاعة، وتحدّى أي شخص أن يثبت علاقته بالشركة المعنية، وانتقد عثمان الكسلاوي بعنف لزجِّه بأسماء شخصيات معروفة، وهو من بينهم في قائمة مجلس الإدارة دون استئذانهم.
الطريقة التي تحدث بها المتعافي للزميل عبد الحميد، توضح أن الرجل مطمئن لسلامة وضعه في القضية المثارة.

صديقي المتأملاتي الباشمهندس حسين ملاسي، نقل لي تعليق أحد الزملاء على صفحته في الفيسبوك، حيث كتب الزميل:
(براءة المتعافي من شركة وهمية، ربّما يكون فبركها هو بنفسه، وزجّ بها في الأسافير، ليحصل بموجبها على براءة لحظية، لا تعني أنه طاهر وعفيف).
ملاسي علق قائلاً:
ولو طارت عنز!
-6-
الغريب والمدهش في هذه القصة، أن الشاب الصغير عثمان الكسلاوي، المتخرج من جامعة أفريقيا في 2008 -الموظف محدود الدخل- يستطيع عبر مسجل الشركات، أن ينشئ مع آخرين شركة ترغب في استيراد أهم سلعتين استراتيجيَّتين في البلاد (البترول والقمح)!
والأغرب من ذلك، أن شريكه في العمل مستثمر سعودي، من أصحاب الأسماء الكبيرة في المملكة العربية السعودية!
بعض جوانب القصة، لا تخلو من الغموض، وفي حاجة إلى إجابات من جهات عدّة.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني