الجنوب في الأراضي المقدسة
فرغت بالأمس من قراءة أحد أهم المراجع السياسية المرتبطة بقضية جنوب السودان، الذي إنفصل وتحول الى دولة مستقلة قبل أقل من ثلاثة اعوام، وهو دراسة علمية محكمة، اعدها الدكتور عبد الرحمن خضر حسن ، تحت عنوان (الأبعاد الدينية والسياسية لقيام دولة جنوب السودان .. وتأثيرها على المحيط العربي والاسلامي – دراسة علمية محكمة- ) وقدم لهذه الدراسة القيمة كل من البروفيسور احمد ابراهيم ابو شوك استاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر بالدوحة، والدكتور اسماعيل عثمان محمد الماحي الذي استند على خبرة في جولات التفاوض بين الحكومة السودانية وحركات التمرد في دارفور والسودان، بينما حكم تلك الدراسة كل من البروفيسور حسن حامد حسين مشيكة استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم والدكتور صالح أحمد التوم استاذ الثقافة الاسلامية بجامعة الخرطوم وعضو اتحاد البرلمانيين العرب.
حج عام 1435هـ الذي انقضى، كان فرصة طيبة للوقوف على ابعاد قضايا الجنوب وارتباطها بالوطن الكبير اذ كنا رفقة واحدة مع الدكتور عبد الرحمن خضر حسن ولم يغب جنوب السودان المنفصل عن حواراتنا طوال رحلة الحج، على اعتبار ان ذلك هم قومي مرتبط بالامن الوطني في كلياته الاجتماعية والاقتصادية والدينية وقد التقينا هناك في الاراضي المقدسة بالدكتور اسماعيل عثمان الماحي الرئيس العام لجماعة انصار السنة المحمدية وثاني اثنين قدما لذلك الكتاب القيم، وكانت اللقاءات فرصة للتعرف على رؤية جماعة انصار السنة المحمدية السياسية والعامة لقضية انفصال جنوب السودان.
هناك وعلى صعيد عرفات الطاهر التقيت بمجموعة كبيرة من حجاج دولة جنوب السودان، زاد عددهم عن المائة كنا في مخيم واحد وقد لفت انتباهي غضب بعض حجاج دولة جنوب السودان عندما وجدوا ان علم جمهورية السودان وضع فوق العبارة التوضيحية على باب مخيم حجاج دولة الجنوب، وقام بعضهم بحجب علم السودان بورقة بيضاء، فقلت له ان حدث لنا هذا الامر ما كنا سنغضب هذه الغضبة لان الروح واحدة لكنها حلت في جسدين.
هناك التقيت بالاخ (الحاج) متوكل الذي كان مديرا لمكتب الفريق سلفاكير ميارديت عندما كان الأخير نائباً اول لرئيس جمهورية السودان قبيل انفصال الجنوب، وبيننا معرفة منذ ذلك الوقت وقد نادى علىّ مذكراً بنفسه وقال لي (أنا دينكاوي جعلي… ابوي من ام دوم وامي دينكاوية) والتقيت بأكثر الحجاج من ابناء دولة الجنوب ، وقد وجدتهم من اكثر الناس حرصاً على أداء مناسك الحج على وجهها الصحيح.. فتذكرت لحظة ذاك كتاب الدكتور عبد الرحمن خضر حسن الذي أهداني نسخة منه قبيل أداء الفريضة بأيام قليلة، وقد تصفحته وقتها على أمل قراءته لاحقاً حتى أقف على مسارات البحث التي سار عليها الباحث للكشف عن الابعاد الدينية والسياسية لقيام دولة الجنوب، وتأثيرات تلك الابعاد على المحيطين العربي والاسلامي.
البحث القيم يقوم على عنوان خطير هو (تقسيم السودان: نهاية صراع .. وبداية مواجهة) ثم يتحول الى مشروع تنصير الجنوب ودور الاستعمار والارساليات التبشيرية ومحاولات الفاتيكان الاولى للتنصير ، ثم محاولات اقصاء الاسلام من جنوب السودان في الحقبة الاستعمارية مع محاربة اللغة العربية، والحلم الغربي بتحقيق مشروع الدولة المسيحية .. وووووتفصيلات دقيقة عن هذه القضية الخطيرة التي يرى البعض أنها قد توقفت عند حد الانفصال، لكنها تأخذ الآن في التحول نحو مآلات ونتائج أخرى قد لا نتوقعها ، لن تهز الجنوب وحده.
شكرا للدكتور عبد الرحمن الخضر على بحثه القيم الذي نأمل ان مكانه المستحق في مراكز دعم واتخاذ القرار بالسودان.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]