عبد الجليل سليمان

اللجوء الصحفي

[JUSTIFY]
اللجوء الصحفي

عديد الصحف أبدت اهتماماً واسعاً، وأفردت مساحات متفاوتة في بحر هذا الأسبوع، لما أسمته بعضها بظاهرة طلب (اللجوء السياسي) من بعض الصحافيين السودانيين. بعضها (أي الصحف) جاء استعراضها لهذه المسألة التي لا ترقى للتوصيف بالظاهرة بحسب تقديري الشخصي، مُستبطناً ما يشبه الإنذار المبكر بأن آخرين ربما يذهبون في ذات الطريق، وأخرى (حشرت) بين سطورها ما يشبه الإدانة لطالبي (اللجوء) من الزملاء الصحافيين، لكن كلها أخفقت في التوصيف القانوني لهذا الحق، إذ اسمته بحق اللجوء السياسي، وشتّان بينه وحق اللجوء الإنساني، واعتقد أن الزملاء أدرجوا تحته ومنحوا بموجبه حق الإقامة في (بريطانيا)، أو أي بلد أوروبي آخر، لا سيما (إسكندنافيا)، (السويد والنرويج) على وجه الخصوص.

ولأن حق اللجوء (السياسي) مفهوم قضائي يقضي بحماية الأشخاص الذين يتعرضون في بلدانهم الأصلية للاضطهاد بسبب آرائهم السياسية أو معتقداتهم الدينية، فإن الزملاء الذين جاءت الصحف بسيرتهم وحالاتهم، أمس وأول أمس، وقتلتها تحقيقاً وتقصيِّاً وتحليلاً، هم في الغالب بحسب ما أعلم لم يطرحوا مشكلاتهم لدى جهات الاختصاص في بلدان اللجوء على أساس الاضطهاد السياسي والديني، وإلا لما نال – على سبيل المثال وبغرض الايضاح فقط – الزميل الأستاذ ” د. ياسر محجوب” رئيس تحرير يومية (الصيحة) السابق، هذا الحق إلى يوم يبعثون.

لذلك، فإن الترويج بهذه الكثافة إلى أنهم تم قبولهم في الشتات الأوروبي، بوصفهم لاجئين سياسيين، يبدو غير دقيق، لأن الغالب بمنطق التعريفات القانونية لهذه المفاهيم والمصطلحات، أنهم تم إدراجهم بوصفهم صحافيين يعانون (كتمة) في مناخ الحريات المتصل بمهنتهم ضمن قانون اللاجئين الحديث، وهو حق يختص باهتمامات الأفراد الشخصية، عندما يكون هناك خرق لحقوقهم، ويقدّم كل حالة على حدة، ويسمى بقانون اللجوء الإنساني، ويتحدث عن حماية حق الفرد في الحياة، وتوفير الأمان الشخصي له، وحقه في المحاكمات العادلة، والدفاع عن نفسه بالقانون. وليست له صلة بالاضطهاد الديني والسياسي، حتى يُدرج تحت مُسمى (حق اللجوء السياسي).

لذلك، فإن كل الزملاء الصحافيين الذين تم قبولهم كلاجئين في (بريطانيا وإسكندنافيا)، ومع اختلاف توجهاتهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية وضمنهم أعضاء مُنظمون في (الحزب الحاكم)، لا يمكن قبولهم كلاجئين سياسيين كما يشاع ويُنشر، بل كصحافيين يعملون ضمن شروط قاسية ومناخ لا يوفر الحد الأدني من حرية الحصول على المعلومات ونشرها وإبداء الرأي و.. إلخ، حيث تتعرض الصحف إلى المصادرة والصحافيين إلى الاعتقال والاستدعاء دونما محاكمات، وبالتالي دوماً ما تتذيل أوضاع الحريات الصحفية في السودان كافة التقارير الصادرة عن منظمات ذات ثقل قانوني مثل صحفيون ومراسلون بلا حدود، وهذه التقارير هي التي تدعم سرعة منح الزملاء هذا الحق الإنساني، وليس السياسي.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي