تنحوا يرحمكم الله
الحجج التي تستند عليها الأحزاب السياسية السودانية إن كانت ثمة أحزاب حقيقية لتبرير كونها منظومات ديكاتورية تطالب بالديمقراطية، تبدو حججاً أوهن من بيوتِ العناكبِ وأضعفَ من أشعار أبي يزيد ابن غالبِ، لذلك لا تلقى لدى جمهور السامعين آذاناً صاغية ولا أعيناً شاخصة ولا قلوباً مفتوحة.
ولأن فاقد الشيء لن يعطيه أبداً، فإن كل الأحزاب السياسية دونما استثناء، لن تستطيع حقن مفاصل هذا الشعب المتورمة جراء داء الدكتاتورية المُزمن، بمضادٍ ديمقراطي شافٍ وناجعْ، إذ أنها (الأحزاب) تعاني (هيكلياً) من مرضِ العِوزْ الديمقراطي المُكتسب، و(إيبولا) الأبوِّية السياسية، وتفْتقرْ إلى برامجِ حقيقية تتضمن خططاً بديلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والرفاهية والأمن، لذلك تنزع نزوعاً مقيتاً إلى التهريج السياسي والخطابية الصارخة مثلها مثل من تعارضها من (حكومات) متعاقبة.
أُنظروا حولكم، إلى قيادات الأحزاب كلها، تجدونها شاخت وبارت حتى (بالت عليها الثعالب)، أُنظروا إلى الأمة بفروعه، والاتحادي بأقسامه، والجبهة الإسلامية بمشتقاتها الحاكمة و(الترابية والغازية)، والشيوعي (بحقٍ) وغير حق، لن تجد وجوهاً جديدة في المقدمة إلا إذا فاضت أرواح الحرس القديم وانفتحت لأجداثهم القبور.
ألهمني هذه الفكرة، مشكوراً سعيه، الأستاذ (إبراهيم الشيخ) رئيس حزب المؤتمر السوداني، إذ طالب في حوار أجراه معه الزميل (ماهر أبو الجوخ) سينُشر لاحقاً على يومية (الصيحة)، رئيس تجمع قوى الإجماع الوطني المعارض (فاروق أبو عيسى) بالتنحي، وكشف عن أنه (شخصياً) لن يترشح إلى رئاسة حزبه مرة أخرى بعد أن أكمل دورتين (مليحتين وقرناوتين)، لكنه اشترط أن إجراء الانتخابات التي لن يترشح فيها في ظروف أفضل.
وفي ظروف أفضل هذه، معناها أن الأستاذ (الشيخ) مقيم في سدة حزبه إلى الأبد، وكيف لا وهو سليل وعجينة وعريكة الأحزاب السياسية السودانية الوطنية الديمقراطية، التي تأمر غيرها بـ (البر الديمقراطي) وتنسى نفسها.
بالطبع، أنا مع ما ذهب إليه الشيخ فيما يخص ذهاب أبي عيسى، بل سأكون أسعد الناس في هذه الدنيا إذا رافقه الصادق، والميرغني، والترابي، والخطيب، وهالة وموسى والسيسي وإبراهيم الشيخ و(كل) قيادات الصف الأول بالمؤتمر الوطني والجبهة الثورية. على الجميع أن يتنحوا للشباب دونما تبريرات كالتي ساقها إبراهيم الشيخ سوق الجمل بعنان مهترئ.
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي