بيئة مثالية للانتحار

جدل مصحوب بتعليقات ساخرة عمّ الفضاء الإسفيري ووسائل التواصل الرقمية من (فيس بوك وواتس أب) وخلافهم، حول صورة لرجل شرطة (يحوش) مشجعاً هلالياً متعصباً عن الموت بعد أن حاول الانتحار على خلفية تسجيل المريخ مهاجم الهلال والمنتخب الوطني وهدافهما الصاعد (بكري المدينة)، وفي رواية أخرى قيل إن الصورة (ذات القيمة الانتحارية) قديمة وتعود إلى خلفية ذات صلة بضم (هيثم مصطفى) إلى كشوفات المريخ قبل نحو موسمين.
على كلٍّ، ما يهمني في الأمر ليس الرياضة وتسجيلاتها، لأنني لا أكترث لها إلاّ لماماً، ما يهمني هو محاولة (الانتحار) بما فيها من حمولة نفسية تصل حد التضحية وإفناء الذات لأسباب ذاتية وموضوعية.
وفي هذا الصدد، قرأت أمس حواراً شائقاً أجراه الزميل (الشفيع علي) مع الاختصاصي النفسي (د. ياسر موسى) حول أسباب تزايد حالات الانتحار بين السودانيين، خاصة الذكور منهم، اعتماداً على تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أشار إلى تفاقم حالات الانتحار في السودان فيما أنكرته وزراة الصحة بولاية الخرطوم ونفته جملة وتفصيلاً.
لكن جاءت أقوال (د. ياسر) برداً وسلاماً (من حيث المبدأ) على تقرير (الصحة العالمية)، حيث أكد أن السودان يتوفر على بيئة مثالية محفزة على الانتحار، مثل ارتفاع نسبة الفقر، النزوح من الريف إلى الحضر، ارتفاع نسبة البطالة وضيق فرص العمل، وتأخر سن الزواج ما يسفر عن تزايد الصدمات العاطفية. ودعوني أضيف من عندي عوامل أخرى مثل الحرب المتواصلة وانسداد الأفق السياسي وعجز الحكومة عن توفير مناخ للحريات العامة والشخصية. وبالتالي، وبناء على ما سبق على وزراة الصحة الولائية أن (تبل) ما ذهبت إليه وتشرب (مويتو)، إذ أنها نفسها ربما تكون أو هي بالفعل – عاملاً من العوامل المحرضة على الانتحار بعجزها السرمدي عن تلبية احتياجات المواطن الصحية والعلاجية.
وأخيراً، وكما في المحاسبة (مصروفات منظورة وغير منظورة)، فإن هنالك عوامل (غير منظورة) أخرى محفزة على الانتحار تبلغ أضعاف ما أشرنا إليها، مثل المتحولات لونياً من البنات والمستشعرين يومياً من النساء والرجال، والولدان (المغنواتية) ذوي الرؤوس الأطلسية المجعدة بفعل الجل والكريمات، والرجال (أبان أربعة أربعين سنة وما فوق) وهم يتحرشون بالفئة الأولى على متن مواصلات ولاية الخرطوم، لكن العامل الحاسم في الدفع ببيئتنا إلى تصدر تصنيف (البيئات المثالية للانتحار) هم السياسيون ومن لف لفهم من الرجرجة والدهماء و(المتردية) و(ما أكل الحزب الحاكم)!!
[/SIZE][/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي
