عبد الجليل سليمان

تشخيص خاطئ ودواء قاتل


[JUSTIFY]
تشخيص خاطئ ودواء قاتل

منذ سنوات، بدأت القيادية الأشهر في الجبهة الإسلامية (سابقاً) والمؤتمر الوطني حالياً)، وعضو البرلمان الراهن، الدكتورة (سعاد الفاتح)، بتنصيب نفسها منصة إطلاق لتصريحاتٍ (حمراء ساطعة الذوائب في الدجى/ ترمي بكل شرارة كطرافِ)، حتى تبدو وكأنها (مُفارقة للجماعة وتاركةً لحزبها)، لكنها في واقع الأمر، وبقليل من الإسناد والتأويل تَذْهب بِكَ إلى مناطقٍ أكثر (شِدّةً) وتشدداً.

من منصتها تلك، أطلقت (سعاد الفاتح) أمس الأول، تصريحاً أوردته يوميتنا هذه بعدد أمس، تصريح تقول فيه “نحن سبب الفساد والفقر”، وهنا وعندما يشرع (السامعون والقراء) بشكل طبيعي ومنطقي، في إحالة ضمير الجمع المُتكلم (نحن)، إلى جماعتها وحزبها الحاكمين لأكثر من (ربع قرن)، ويعتقدون أنها تنسب الفقر والفساد إلى هذين الكيانين، يباغتون في العبارة التالية لتحذيرها من تضعضع وانهيار تجربة (الإنقاذ)، بأنه (أي الانهيار) سينجم بحسب (سعاد) (عن الانشغال) بانتخابات الولاة، وليس عن الفقر والفساد، كما قالت في صدر تصريحها. وأردفت ذلك كله باقتراح (اجتراري) إن صح التعبير، لمعايير الإنقاذ القديمة في اختيار الأشخاص لشغل الوظائف العامة، إذ دعت رئيس الجمهورية إلى الاحتكام إلى القرآن الكريم في تعيين الولاة وترجيح كفة القوي الأمين.

عظيم، لقد رأيتم الآن، كيف تريد (سعاد) محاربة الفقر والفساد المُستشريين وتجنيب البلاد الانهيار الوشيك المُحدق بها، فالأمر(عندها) وببساطة شديدة لا يتطلب سوى (ترجيح) كفة القوي الأمين، وهذه هي ذات النظرية التي أفسدت البلاد وأفقرتها ثم أوصلتها حدود الانهيار، إنها نظرية (التمكين) سيئة الصيت التي دعا الرئيس نفسه في أكثر من مناسبة إلى التخلي عنها.

نظرية تمكين من يُسمون بـ (الأقوياء الأمناء) لا تعرف بداهة بمبادئ الكفاءة والنزاهة والخبرة، إذ تعتمد على معايير الولاء والسمع والطاعة في (المنشط والمكره)، فتُلغي مفاهيم كثيرة ومهمة مثل النقد والحوار وتداول الأفكار ونقل الخبرات من جيل إلى آخر، وبالتالي تكرس السلطة في تلك الفئة وتمكنها منها وتطلق يدها في إدارة البلاد و(خنق) العباد، وهذا بالطبع يغري بالفساد ويتسبب في الفقر، لا شك ولا ريب.

وبناءً عليه، أجدُني غير محتفٍ ولا آبه لتصريحات (د. سعاد)، إذ أنها دوماً تشخص المرض بطريقة خاطئة وبالتالي تكتب روشتات خاطئة، وتعطي دواءً قاتلاً.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي