زهير السراج

رحلة عذاب دابا انتهت


[ALIGN=CENTER]رحلة عذاب دابا انتهت !! [/ALIGN] * ليس هنالك أفضل من الحكم الذى حكمت به محكمة التحكيم الدولية بتقسيم منطقة (أبيي) بين الشمال والجنوب وتقسيم النفط بينهما، وهو كما توقعته فى مقالات سابقة (تقرير مصير) مبكر للمنطقة، فلم يعد مهماً بعد الآن التصويت الذي سيجرى في نهاية الفترة الانتقالية لتقرير مصيرها وتحديد تبعيتها للشمال أو للجنوب بواسطة مواطنيها، فـ(أبييى) التي سيجري عليها التصويت وقتذاك لن تكون ذات أهمية كبيرة للشمال بعد أن استبعدت المحكمة جزءا منها يحتوى على أكثر من نصف النفط تقريبا ومعظم مناطق الرعي التقليدية للمسيرية، واعتبرته سلفاً ضمن حدود الشمال، لن يشمله التصويت في نهاية الفترة الانتقالية !

* في رأيي الشخصي أن هذا الحكم قد حسم بشكل كبير هذا الموضوع ووضع حدا لأزمة كانت يمكن أن تودي باتفاقية السلام وتعيد الحرب بكل مشاكلها ومواجعها مرة أخرى، فهو قد ضمن للشمال وللجنوب حقوقهما التاريخية في الارض والمرعى، وحقوقهما الآنية والمستقبلية في المنفعة والكسب والموارد المالية المتمثلة فى مبيعات النفط !!

* تبقت مشكلة واحدة ولكنها صغيرة لا تقاس بحجم المشكلة السابقة وهي الاحساس الذى يمكن أن يراود الاخوة الجنوبيين بأن تأتي نتيجة التصويت المتفق عليه في نهاية الفترة الانتقالية لتحديد تبعية أبييي، لصالح الشمال بحكم الاكثرية العددية للمسيرية، الامر الذى يعنى حرمان الجنوب من نفط أبيي بالاضافة الى حرمانه من حقوق الدينكا التاريخية في الارض إذا قرر مواطنو جنوب السودان الانفصال، وبالتالى فمن رأيي أن من الافضل البحث عن حل توفيقي للتصويت قبل أن يحين أوانه، وأن يحدث ذلك قبل أن يستشعر الأخوة الجنوبيون خطورة هذا الموضوع ويصيبهم القلق من إمكانية ضياع (أبيي) والذى يمكن يتسبب فى مشكلة جديدة !!

* قضت المحكمة فيما قضت به، إعادة ترسيم الحدود الشرقية والغربية فى مدة زمنية لا تتجاوز شهرًا وإلا فإنها ستضطر للتدخل لحسم هذا الموضوع ، وهى فرصة للطرفين، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، ليقوما بهذه المهمة السهلة، ويثبتا انهما تعلما شيئا من الدرس المفيد الذي قدمته المحكمة بحسم الجزء الصعب من الموضوع بطريقة توفيقية حازت على رضاء الجميع، واثبتت أنها محكمة عاقلة وعادلة، وليست متحيزة أو منحازة ، كما حاول البعض مثل صديقنا اللدود الاستاذ عبدالرحمن الزومة أن يدمغها به قبل أن تصدر حكمها الرائع البديع الذى أخرص كل الالسن !!

* يبقى الاهم ــ كما قال صديقنا عثمان ميرغنى بالامس ــ أن يسعى الطرفان لتنمية المنطقة وانسان المنطقة التي يتمرغان فى نفطها، بينما لا يجد مواطنها حتى التراب ليتمرغ فيه !!

* إنتهينا من ( أبيي) ولكأني اسمع مطربنا الكبير كمال ترباس يغني مبتهجاً بصوته الجميل .. (رحلة عذاب دابا انتهت، ليه تاني نرجع من جديد) !!

* أرجو أن يكون حكم المحكمة درسا لنا نتعلم منه كيف نحل مشاكلنا بالعقل، وأن يتعلم منه الاخ الزومة عدم أخذ الناس بالظن، ما دام لم يتعلم ذلك من الارث العظيم الذى يتباهى بحفظه بدون أن يطبقه !!

مناظير
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى،23يوليو، 2009