ضياء الدين بلال

أغلقوا أبواب الفتنة!


[JUSTIFY]
أغلقوا أبواب الفتنة!

اتهام القضاء بأنه وقع تحت تأثير الاستقطاب السياسي والتناول الإعلامي في قضية الراحلة عوضية عجبنا، لذلك أصدر حكماً بالإعدام على الضابط حامد؛ اتهامٌ خطيرٌ سيُخرج القضية من السياق القانوني وسيضعها في العراء عرضة للتلوث ببكتريا الغرض !
هيبة الدولة لا تصان بانتهاك القانون، بل بتطبيقه والحفاظ عليه واحترام أحكامه.
دم عوضية وحامد في ميزان العدل سواء.
أسوأ ما في الأمر أن القضية أصبحت بؤرة استقطاب إثني ومهني حاد.
ثعابين الظنون تنفث سمومها.
الوضع حرج ومعقد في حاجة لمعالجات حكيمة تباعد بين النار ومخازن الوقود والثيران ومستودعات الخزف.
أغلقوا المنافذ أمام عرابي الفتن وسماسرة الغبائن.

دعوا القضية في مسارها القضائي إلى أن تصل إلى منتهاها، وأبذلوا جهدكم في مواساة أهل الفقيدة حتى يرضوا بالدية أو العفو.
قصتي مع يحيى.

عرفته في بداياتي الصحفية، كان يمتلك إستديو تصوير بالسجانة.
كنا نتجاذب أطراف الحديث في السياسة والأدب والغناء.
مصور فنان ذو ميل يساري، شغوف ومحب لمهنته له براعة نادرة في التقاط صور المناسبات السعيدة.
يأتي إليه الزبائن من كل أنحاء العاصمة الخرطوم، وفي مرات كثيرة يغلق شارع النص في السجانة لزحمة السيارات في مواكب الفرح.
سألته مرة عن سبب وجود الصورة الشهيرة للفنان الإنسان الراحل عبد العزيز العميري ضمن الصور المعلقة في فترينات الإستديو؟!
الصورة التي يظهر فيها العميري مشدوهاً، ينظر إلى المجهول، وعلى وجهه وشعره فقاعات مياه بلورية، كأنه خارج لتوه من الحمام.
ضحك يحيى ابن القرير ضحكة بطعم التمر – هكذا كنت أعرف اسمه فقط دون إضافة – قال لي إنه التقط الصورة للعميري وحكى قصة غريبة ومثيرة، قائلاً:
(نحن صديقان. كنا نسكن معاً، وفي ذات صباح كنت أتأمل ملامح العميري وهو يهمّ بالخروج من المنزل: شعره المتموج الحالك السواد والمتمرد على المشط، عينيه اللتين تبرقان حضوراً وسناءً ووجهه الصافي العذب الملامح، فجأة جاءتني خاطرة جنونية، أمسكت بكوب ماء بارد كان أمامي على الطاولة، فدلقته عليه، وقلت له لا تتحرك، وأخذت الكاميرا فجاءت هذه الصورة مولودا جماليا لخاطرة الجنون).
سنوات طوال لم ألتقِ بيحيى.
مساء أول أمس اضطرتني الظروف للبحث عن استديو في (الخرطوم 2)، لاستخراج صور باسبورت، دخلت على استديو أنيق وعلى واجهته صور بارعة الجمال لم أرَ مثلها من قبل، لولا صورة مغني عقد الجلاد الأستاذ شمت محمد نور وزوجه المصون، ظننتها مستلفة من معامل تصوير خارج السودان.
وأنا أتأمل الصور بمتعة وإعجاب، فجأة وقعت عيناي على صورة في الحائط ليحيى، معها نص مكتوب.
الله… سنوات لم نلتقِ.
فرحت لرؤيته، وعرفت أنه صاحب هذا الاستديو الأنيق، وعبر عدسته السحرية خرجت هذه الصور الرائعة.
لحظات وكانت الفاجعة…
الكلمات المصاحبة للصور كانت تنعي يحيى الذي أعرفه، وأحمد سيد أحمد الاسم الحقيقي، والذي رحل عن الدنيا من على مقعده، وهو يستمتع بمشاهدة افتتاح كأس العالم.
الرحمة والمغفرة لرجل مبدع شفيف صاحب عدسة محبة لتوثيق الأفراح، كانت بيننا في مدى وجيز ضحكات لم تكتمل وقصص وذكريات لم تروَ ومعرفة لم تتجاوز حدود الاسم الأول.

من الجمرات

على صفحتي في الفيسبوك تأتي مداخلات من أصدقاء وزملاء وأساتذة بارعين في التعبير والاستشهاد.
الدكتور حسن الجزولي الموثق البارع علق على ما نقلته عن سفير دولة عربية قال لي في مرة:
(سيجازي الله السودانيين خيراً كثيراً، لسبب بسيط ومدهش، وهو أنهم من فرط أمانتهم، سيعيدون إليه كل الثروات التي منحها لهم في باطن الأرض وظاهرها، كاملة وسالمة دون أن يأخذوا منها شيئاً).

كتب دكتور حسن معلقاً:
(في ما يخص الجزئية المتعلقة بحديث السفير العربي معك حول طبيعة السودانيين – وهو الصادق – ذكرني بالراحل العزيز محمد توفيق الذي كتب يوماً في عموده العميق “جمرات” أن أحد الدبلوماسيين العرب من أصدقائه قال له يوماً جملة استفزت توفيق كثيراً، حيث قال: “السودان بلد المستقبل.. وهكذا سيستمر دائماً وأبداً”.. وربما أن حال السودان قد أقنع محمد توفيق برأي صديقه الدبلوماسي حيث قال أستاذنا عليه الرحمة وهو في أواخر أيامه: السودانيون يمشون إلى المجد في شكل دائري).

اختراق.

زيارة الوفد الأماراتي للسودان تعد بكل المقاييس اختراقا نوعيا في العلاقة بين البلدين.
وفد رفيع من 26 عضوا وفي مقدمتهم السيد علي ماجد المنصوري رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في الأمارات.
للأسف العلاقة في الفترة الأخيرة شهدت تدهورا صامتا لكنه كان بلا ضجيج.
ربما لولا التدخلات الإسعافية السريعة التي تمت لانحدرت العلاقة إلى قاع سحيق تستعصي معه كل محاولات الإنقاذ.
قبل فترة تم منع دخول السودانيين عبر مطار أبوظبي، ومنذ عام أو يزيد لا يمنح السودانيون إقامة جديدة في أبوظبي وقبل ذلك كان تعليق التعاملات المصرفية.
دولة الأمارات العربية دولة مركزية تربطنا بها كثير من المصالح والوشائج التاريخية أي توتر في العلاقات معها يتسبب في مضار واسعة وأي تحسن تترتب عليه كثير من المنافع للدولتين.
علينا الحفاظ على ما تحقق والدفع به إلى الأمام وحمايته من الانتكاس.

صور:
عوضية عجبنا- عبد العزيز العميري ويحيى- محمد توفيق- الوفد الاماراتي.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني