زهير السراج

صراخ الوالي


[ALIGN=CENTER]صراخ الوالي !! [/ALIGN] انتقدت من قبل قرار وزارة التربية والتعليم الذي حظي بموافقة مجلس الوزراء بعدم الربط بين التعليم والتحصين، وقلت إن القرار سيؤثر سلبا على إقبال المواطنين على تحصين أطفالهم خاصة فى المناطق الريفية، ويرفع بالتالي أعداد الاطفال المعرضين للإصابة بأمراض الطفولة، ويؤخر القضاء على هذه الامراض الخطيرة التي تصيب وتقتل عشرات الآلاف من أطفالنا كل عام.

* أسست الوزارة قرارها الخاطئ على أن الربط بين قبول الطلاب فى مرحلة الاساس والتحصين قد أثر سلباً على أعداد الطلاب المقبولين، حيث أن الكثير من الاسر تحجم عن إدخال أبنائها الى المدارس لأنها لا تريد تحصينهم بسبب مفاهيم خاطئة عن التحصين، ساهمت فى إنتشارها ــ للأسف الشديد ــ كتابات بعض الكتاب الصحفيين و خطب بعض أئمة المساجد التى انطلقت من مفاهيم خاطئة ليس هذا مكان أو أوان الحديث عنها، كما أن كسل بعض الاسر فى تحصين أبنائها، أو تأخر حملات التحصين فى بعض الاحيان يتسببان في تأخير أو حرمان الاطفال من فرص القبول، وعليه اتخذت الحكومة القرار السهل بإلغاء الربط بين التعليم والتحصين، بدلا عن معالجة الاسباب الحقيقية التى تقف وراء عزوف أو كسل الاسر عن تحصين أبنائها، أو معالجة الخلل الذي يؤدي لتأخير عمليات التحصين وبالتالي تأخير قبول الطلاب غير المحصنين بالمدارس حسب القرار القديم الذي يربط القبول بشهادة التحصين!!

* كانت النتيجة ـ كما توقعت في مقالات سابقة ــ هي انخفاض أعداد الاطفال المحصنين بشكل كبير وبالتالي ارتفاع قابليتهم للأمراض المعدية الأمر الذي جعل – على سبيل المثال – والي ولاية جنوب دارفور علي محمود يصرخ مطالباً مجلس الولاية التشريعي بسن قانون يلزم المواطنين بتحصين الاطفال بهدف حمايتهم ومنع دخول اية حالات من امراض الطفولة للولاية، حسب صحيفتنا الصادرة أمس !!

* ليس هنالك شك أن هنالك أسبابا أخرى تعيق حملات التحصين وتخفض عدد الاطفال المحصنين مثل نقص الكوادر واللقاحات ووسائل الحركة .. إلخ، وهى اسباب تحتاج الى علاج فوري وحاسم من الحكومة المركزية والحكومات الولائية، ولكننا لا يمكن أن نتجاهل الأثر السيء للقرار الخاطئ لوزارة التعليم الاتحادية بإلغاء الربط بين القبول والتحصين، وإلا لما صرخ والي ولاية دارفور في مجلسه التشريعي لسن قانون يلزم المواطنين بتحصين أبنائهم !!

* فى أكثر دول العالم تحضراً تربط القوانين بين التعليم والتحصين وهنالك متابعة دقيقة لهذا الامر حتى بلوغ الطفل سن الثامنة عشرة، وعندما تتأخر أسرة الطفل عن تحصينه في الموعد المحدد وإفادة مدرسته، تتلقى بضعة خطابات تحذير من إدارة التعليم بإيقاف إبنها من الدراسة ، ثم يوقف الطفل بالفعل من الدراسة إذا لم تستجب أسرته لخطابات التحذير، ولا يسمح له بالعودة الى الدراسة إلا بالحصول على الجرعة المطلوبة !!

* هكذا تكون الجدية في التعامل مع صحة الاطفال والحرص على تحصينهم وحمايتهم من الامراض والموت ، فما فائدة إلحاق طفل بالمدرسة وهو عرضة للمرض والموت وتعريض صحة وحياة الاطفال الآخرين للخطر؟!!

* هذا القرار خاطئ ويجب أن تتراجع عنه الحكومة بأسرع ما يمكن، فحياة أولادنا ليست حقلا لتجارب القرارات الخاطئة !!

مناظير
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى،24يوليو، 2009