جمال علي حسن

كافحوا العقلية.. قبل المعلوماتية


[JUSTIFY]
كافحوا العقلية.. قبل المعلوماتية

لا أحد ينكر مخاطر الجرائم الإلكترونية وصعوبة السيطرة على المجرم الإلكتروني الذي لا يحتاج لتسلق جدران أو كسر أقفال أو اقتحام حواجز حصينة حتى ينجح في التسلل والدخول إلى أي مكان.. دون أن يحتاج لحمل مسدس أو سلاح أو قتل حارس البوابة..

لكن وفي ذات الوقت لا ينكر أحد أن الإنترنت هو محرك الحضارة الجديد.. الحضارة التي تقوم على الاتصال وليس الانتقال..

حضارة اللاحدود واللازمن واللامكان.. أين أنا؟.. لم يعد هذا هو المهم طالما أنني موجود إسفيرياً معك لحظة بلحظة.

وحضارة اللاحدود تلك مزقت كل مخازن النظريات الأمنية القديمة ووقفت على أبوابها وهي ترفع لافتة مكتوب عليها (نحن أبناء حضارة لارقيب كامل عليها حتى الآن).. الصورة عندنا تكذب وتتحول وتتجمل وتتزور.. أو كما يقول الفيتوري (والأشياء ليست هي الأشياء..)

في عالم كهذا.. يصر البعض أن يفرغ خزانة بندقيته في الهواء ظناً بأن إحدى تلك الطلقات النارية ستصيب مارد الإسفير في قلبه وترديه قتيلا..!!

في عالم كهذا.. ولا يزال بعض الصحافيين والكتاب يطالبون الدولة بإغلاق مواقع إلكترونية وحجبها لأنها تختلق الأكاذيب وتبث الشائعات.. (رصاصة في قلب الإسفير..!!!) وقد طالعت مقالاً لأحد الصحافيين قبل أيام يطالب بحجب مواقع إلكترونية لأنها تفعل وتفعل..!

في عالم كهذا.. نحتاج أولا أن نكافح وجود مثل تلك الذهنيات التي تعيش في واقع اليوم بفارق زمني كبير قبله.. عقليات متخلفة.. وبالتالي لن تقدم النصيحة المفيدة بل ستحرض على التخبط والتوتر غير المجدي..

حديثي هذا لا يعني عدم جدوى مكافحة الجرائم الإلكترونية بنسبة مائة بالمائة مثلا ً لأن الكثير من الجرائم الإلكترونية يمكن اكتشافها ومعاقبة مرتكبيها، لكنني أرجو أن نراهن على التوعية والمزيد من الشفافية في أمور حياتنا العامة.. كما أدعو للاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في المعاناة من الجرائم الإلكترونية بحكم ريادتها التقنية فكلما توفرت وسائل التقنيات الحديثة وتغلغلت في تفاصيل حياتنا كلما زادت الفرصة في الاستخدام السيئ والاستخدام الإجرامي لها..

لو كنا نتحدث عن شائعات إلكترونية فإن الوسيلة الأنجع في مكافحة الشائعة الإلكترونية هي بث وإتاحة المعلومة من وقت مبكر وقبل الشائعة بحيث تكون متاحة في الوسائل الإلكترونية التي تبث الشائعة نفسها..

أما الرهان على حجب المواقع فهو الذي يزيد الرغبة في الوصول إلى تلك المواقع خاصة وأن النظم التقنية لحجب المواقع والمستخدمة في السودان ضعيفة ومن الممكن اختراقها وكسرها.

.. نحتاج لدرجة من البرود والتوقع في التعامل مع المنتوج الإسفيري ومكافحته بالتوعية العالية وبالتنازل عن الظن الواهم بأنه لا يزال بإمكان أحد إخفاء أو محاصرة أي معلومة حقيقية.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي