عبد الجليل سليمان

حكمة المغدورات.. الغبشاوي تحكي


[JUSTIFY]
حكمة المغدورات.. الغبشاوي تحكي

وقبل أن يجف حبر زاوية أمس، التي تناولت فيها تصريحات (د. سعاد الفاتح) القيادية الإسلاموية البارزة والتي حذرت فيها من تضعضع وانهيار تجربة الإنقاذ، بسبب الانشغال بانتخابات الولاة، قائلة: “الجاية دي حارة شديد وإذا لم ننتبه للحكاية دي حتتفرتق وتنزل من أصابعنا”، إذا بنظيرتها ورفيقة دربها (عائشة الغبشاوي)، تسود العناوين الكُبرى لصحف الخرطوم أمس، إذ انتقدت الحكومة والبرلمان وحملتهما المسؤولية في استشراء الفساد وتفاقمه بسبب عدم محاسبة الفاسدين.

وبغض النظر عن تفسيري لما يصدر عن المنصات النسوية الإسلاموية من تحذيرات وانتقادات لتجربة حكمهم، وما وراء أكمتها من أدوار خفيّة تستهدف أموراً أخرى مثل إيهام الرأي العام المحلي والدولي بأن ثمة مناخاً من الحريات يسمح بنقد أداء الحكومة وتحذيرها ليس من قبل مُعارضيها وحسب بل حتى من قبل سدنتها الأقدمين والطارئين.

إلاّ أنني شعرت بنوعٍ من الغبطة (الحذِرة)، إزاء هذا الاندفاع النسوي الناقد لتجربة حكم الإسلاميين الصادر من (بدرياتهم) (سعاد وعائشة)، بينما شعرت بحزن وأسف إزاء صمت (البدريين) من الرجال، وعجزهم التام عن تحريك ألسنتهم بكلمة حق.

هذه التصريحات أحالتني لقصيدة الشاعر البحريني الفذ (قاسم حداد)، المسومة بـ (حكمة النساء)، إذ يقول فيها:”أجهشت النساء المغدورات برجالهنَّ/ وأوشك الجزعُ أن يبلغ بهنّ ليرمين خواتمهنَّ في وجوه الرجال/ لكنهن استدركن فأمسكن عن الخلع واستدرن نحو دُورهنَّ/ يدهنَّ الأسرَّةَ بالتوابل ويؤجّجن القناديل بزعفران السهرة/ ويذهبنَ في استجواب المرايا”.

أمس، قلنا إن (د. سعاد الفاتح) وقبل أن تكمل جملتها الناقدة عادت إلى الدعوة إلى (التمكين)، وكأنها ذهبت عوضاً عن استجواب الوقائع وأسبابها الحقيقية إلى استجواب صورتها المعكوسة في مرآة مقعرة، وهذا ما فعلته (الغبشاوي)، لكن على مرآة (محدبة)، بالطبع شعرت أن (النسوة المغدورات) الجزعات قد يبلغ بهنّ الأمر إذا ما استمر على النحو بأن (يرمين خواتمهنَّ في وجوه الرجال)، لكن، وفي كل مرة سرعان ما يموت فيّ هذا الشعور الفظيع، فما أن أكمل الجُمل الناقدة حتى أجدهن (يُدّهنَّ الأسرَّةَ بالتوابل ويؤجّجن القناديل بزعفران السهرة). تلك السهرة القديمة بالأبيض والأسود.

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي