ضياء الدين بلال

قطبي وطبق اليوم!


[JUSTIFY]
قطبي وطبق اليوم!

-1-
كنتُ في زيارة للوالدة بحي الهدى بشرق النيل. اضطرني ضيق الوقت لتأدية صلاة الجمعة بأحد المساجد.
دلفت إلى المسجد. عدد المصلين كان قليلاً بصورة لافتة، رغم كثافة السكان بالمنطقة، حيث كان بإمكاني الجلوس في الصف الأول، رغم أن الإمام على المنبر، كان في منتصف الخطبة الأولى.
بعد أقلِّ من دقيقتيْن، اكتشفتُ سبب عزوف المصلين عن تأدية الجمعة بهذا المسجد، رغم السعة وبرودة المكان وروعة مبناه.
الإمام في ثلاثينيات العمر، رغم ذلك؛ يتحدث بصورة توحي بأنه على أعتاب السبعين أو يزيد. صوته يغيب ويحضر داخل المسجد. المايكرفونات خارجية، تُسمع البعيد وتُغيِّب عن القريب الفكرة والمعنى.
يتحدث برتابة مُملَّة، يسرد وقائع التاريخ دون تدبِّر أو تأمُّل أو استخراج عِبَر، كأن الرجلَّ يتحدث لنفسه بين يقظة وحلم!
تبدأ معه في المتابعة، فإذا به يختفي عنك في وسط الطريق، وفجأة تجده يتمايل على ظهر فكرة أخرى عرجاء!
اكتملت الصلاة، وخرجت مسرعاًَ بسؤال مُلِحٍّ: هل توجد جهة مختصة مثل هيئة المصنفات الفنية تراجع وتراقب أداء أئمة المساجد؟!
مصلو الجمعة بالمساجد أوْلى من رواد الحفلات الجماهيرية!

-2-
قبل فترة، تحدثت في هذا العمود، عن الإمام الذي يتعامل مع المنبر باعتباره خشبة مسرح، يُكثر فيها من الخروج على النص، بقصص ذات إيحاءات جنسية صادمة للذوق وخادشة للحياء.
الغريب أن الإمام الأخير -على غير الأول- يُعتبر ذا جماهيرية واسعة تشد إليه السيارات مهرولة إلى غرب أم درمان، حيث تكثر القفشات ويشتعل الضحك!

-3-

في الجمعة الماضية، نقل أحد الأئمة بحي المغتربين في بحري، جدلَ تسجيل لاعب الهلال بكري المدينة في كشوفات المريخ، من على صفحات الصحف الرياضية ومصاطب المشجعين بدار الرياضة بأم درمان إلى داخل المسجد!
الإمام من على منبر الجمعة، قدَّم فتوى دينية بعدم صحة تسجيل بكري للمريخ عبر مقاربات فقهية. المصلون انقسموا بين مؤيد ومعترض ومحتج ومتعجب!
أئمة مساجد رتيبون ومملون، يعتزلهم المصلون. وبعضٌ منهم الأئمة- مهرجون وغوغائيون من مدرسة نادية الجندي القائمة على فكرة (الجمهور عاوز كدة)!

-4-
في ذات الصحيفة الرياضية، التي نقلت للقرَّاء فتوى إمام مسجد المغتربين ببطلان تسجيل بكري المدينة، يفاجِئك تصريح للدكتور قطبي المهدي، الذي يتم تعريفه بصفة قيادي في المؤتمر الوطني، وهو يتحدث عن التسجيلات!
لا تندهش عزيزي القارئ..
اسحب أيَّ صحيفة من طرف المكتبات، دون أن تسمِّي واحدة بعينها، ستجد قطبي هناك!.
قطبي لا يغيب عن صفحات الصحف، يتحدث في كل شيء: (الانتخابات القادمة، وترشيح البشير، ومشروع التجديد، وأزمة الخبز) إلى تسجيلات اللاعبين!.
الرجل يملأ فراغه السياسي بالحديث للصحف. وكما كان أمس بصحيفة (قوون)؛ ربما نجده غداً على صفحات (هو وهي) في صفحة (طبق اليوم) يتحدث عن البيتزا على الطريقة الإيرانية!
أخيراً:
ما أروعك يا أزرق اليمامة، أحمد عبدالباري، وأنت تقول:
فوضى…
في الموسم الآتي ستشتبكُ الرؤى
ستزيدُ أشجارُ الضّبابِ تَجَذُرَا
وَسَيُنكرُ الأعمَى عَصَاهُ ويَرتَدِي
نظّارتيْنِ من السّرَابِ لِيبصِرَا.
سيرى المُؤذّنَ والإمام كِلاهُما
سيقولُ إنّا لاحِقَانِ بقيصرا
في الموسمِ الآتِي مزادٌ مُعلنٌ
حتّى دَمُ الموتى يُباعُ ويُشتَرَى.
[/JUSTIFY] [EMAIL]diaabilalr@gmail.com[/EMAIL] العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني