الطاهر ساتي

أبيي .. هكذا الحصاد ..!!


[ALIGN=CENTER]أبيي .. هكذا الحصاد ..!! [/ALIGN] ** لبعض الأدوية آثار جانبية قد تكون مزعجة ، بيد أنها غير ضارة ولاترتقي إلي مرتبة الداء ، ودائما الطبيب ينصح مريضه بألا يكترث لتلك الأثار الجانبية الناتجة عن تفاعل الدواء ، ثم يحذره بعدم إيقاف روشتة البرنامج العلاجي المعدة لمرضه استجابة لضغوط تلك الآثار وإزعاجها ..وعليه ، فان الوسيلة التي توافق عليها شريكا السلطة لمعالجة أزمة أبيي لم تكن إلا وسيلة « الكي بالنار » ..نعم ، فالاحتكام الي جهة أجنبية ، في قضية كهذه ، ثم الالتزام بقبول الحكم قبل صدوره ، نوع من الكي بالنار و « قطع العرق وتسييح دمه » .. وهي ، كما تعلمون ، وسيلة علاج محفوفة بالمخاطر.. ومع ذلك تواثق عليها شريكا الحكم وارتضياها علاجا ، ومضيا بداء الملف إلي حيث ما ترآى لهما أنه العيادة « لاهاي » ..وهناك تعرض الملف إلي العلاج الحار، عفوا ..« الحار جدا » ..!!
** وليس من العقل أن تذهب بالناس ظنونهم بأن علاجا ساخنا كهذا سيأتي بالعافية إلي جسد البلد بلا أي آثار جانبية .. لا ، هذا ظن خطل ..فالملف – وهو في مرحلة التداوي من آثار تلك المشارط الساخنة – لن يخلو من الآثارالجانبية المزعجة ..آثار مزعجة ولكن غير ضارة ، ولن تعيد الداء إلي ذاك الجسد .. بمعنى : شريكا السلطة لن يحتربا في سبيل قطعة أرض في الشمال أو في الجنوب ، مهما كانت قيمة سطحها ومحتوى باطنها .. من تجرع كأس الحرب يوما ثم استمتع فيما بعد بكوب سلام لا يفكر في الاقتراب من ذاك الكأس مرة اخرى .. فالسلام سيمضي ، ولكن بآثاره الجانبية .. وعلاج أزمة أبيي جزء من علاج كل أزمات البلد ..وله آثار جانبية أيضا ….!!
** حديث باقان أموم بالبارحة أثر جانبي ناتج عن آلام العلاج الآخير ، والذي كان بالكي ..قال سيادته : الاستفتاء على تبعية أبيي من حق دينكا نقوك فقط .. هكذا تحدث بالبارحة لنسأله اليوم : عرفت كيف ، أو القاليك منو ..؟.. حيث لاهاي لم تحكم بذلك أبدا ، لاتصريحا ولاتلميحا .. وكذلك رئاسة الجمهورية لم تصدر قرارا بعد بانشاء المفوضية الخاصة بأبيي ، وهي المناط بها تحديد كثير شئ منه : من الذي يملك حق الاستفتاء بأبيي ..؟.. وبما أن لاهاى لم تحكم لدينكا نقوك فقط بحق الاستفتاء ، ولا رئاسة الجمهورية لم تؤسس مفوضيتها ، فكيف ومن أين عرف العبقري باقان تلك المعلومة التي يتحدث بها منذ البارحة ..؟.. للأسف باقان لايعرف أى شئ عن هذا الأمر ، فاستبق حدث الاستفتاء ومفوضيته وقوانينها متحدثا بما يجهله هو وكل الناس .. هكذا حال حديث باقان .. وهو حال ناتج عن « أهوال لاهاي..»!!
** ثم الدكتور رياك مشار ، نائب رئيس حكومة الجنوب ، أيضا ظهرت عنده الآثار الجانبية الناتجة عن ذاك العلاج ، الكى بالنار .. حيث قال : منطقة هجليج الخارجة عن أبيي بأمر لاهاي تابعة لولاية الوحدة منذ عهد نميري .. هكذا تحدث ، لنسأله بكل براءة : طيب قبل نميري كانت تابعة لي وين ..؟.. هل تاريخ الدولة السودانية يبدأ بعهد نميري ، أم أن الوثائق التاريخية التي رسمت بها لاهاي منطقة أبيي تعود الي عهد الرئيس نميرى « المات الشهر الفات » ..؟.. ليس من المنطق أن يستشهد رياك بقرار رئاسي أسبق في رسم الحدود الجغرافية ، ولو كان الأمر كذلك لما أرهقت دار الوثائق وثائقها أمام قضاة لاهاي لرسم خارطة أبيي ، إذ لإكتفت المحكمة والأمر الواقع بقرار رئاسي حالي و « خلاص » .. خروج مناطق هجليج عن حدود أبيي يعني ضمنيا – وبالعقل كدة – خروجها عن حدود الجنوب ، يا دكتور رياك .. فلا داعٍ للتأوه من آلام « كي لاهاي » ..!!
** ثم بعض زعماء المسيرية أيضا .. تصريحاتهم لا تختلف في مضامينها عن تصريحات باقان ورياك ، أي بها بعض التأوه من آلام العلاج وآثاره الجانبية .. يتظلمون بعد أن قطعت لاهاي قول كل شاك ، والتظلم في يوم كهذا لاينفع المرء حتى ولو كان مظلوما .. ليس المؤتمر والحركة فقط ، بل كل العالم ملزم بالزام السودان – شمالا وجنوبا – على تنفيذ قرار لاهاي ..ولذا ليس هناك داع للجدال على جوافل جفلن يا سادة المسيرية ..الجفلن خلهن وأقرع الواقفات ..نعم أقرعوا الواقفات في كل مناطق التمازج بالتنمية والتعمير ياولاة أمر الحكومة الاتحادية هنا والولائية هناك .. ولن يكون هناك استقرار ما لم تستقر الخدمات .. ولا أعني بهناك حدود أبيي فقط ، بل كل حدود البلد ، الولائية منها والدولية .. يجب أن تستقر بالخدمات .. وليس من العقل أن يهتم المرء بغرفة نومه ، بيد أن كامل منزله بلا أسوار .. ولو كانت الحكومات تنفق الخدمات في حدود البلد وأطرافها كما تنفقها في المراكز ، لاستقرت تلك الحدود والأطراف ولنامت المراكز مطمئنة ولما حصدنا كل هذا… « الوضع الراهن » ..!!
إليكم – الصحافة الاحد 26/07/2009 العدد 5777
tahersati@hotmail.com