عبد الجليل سليمان

صحافة المواطن


[JUSTIFY]
صحافة المواطن

يُعرِّف (د. الصادق الحمامي) صحافة المواطن، بأنها الصحافة ذات الصلة بمساهمة المواطنين في عملية إنتاج المعلومات والتعليق على الأحداث وتقاسم الصور ومقاطع الفيديو وإعادة نشر الأخبار والروابط، كما أنها تعني الصحافة التي ينتج مضامينها الجمهور، وتشمل المواقع التي تُنشئها المؤسّسات الإعلامية التقليدية كموقع (I Report) الذي تديره شبكة ((CNN أو (مراقبون) التابع للقناة لـ (France 24).

ما دفعني لاستعراض هذا التعريف، هو حزني على عدم مشاركتنا في مسابقة (بي بي سي) للأفلام والوثائقيات التي جرت تحت عنوان (عن قرب) وانتهت فعالياتها أمس الأول بمرجان ختامي بسيط ومدهش، أعلنت خلاله الأفلام الفائزة عن فئات المسابقة الأربع (الأفلام الوثائقية، الأفلام القصيرة، صحافة المواطن، وجائزة بي بي سي للصحافيين الشباب).

بالطبع، نحن لا نحفل ولا نحتفي في صحافتنا إلاّ (نادراً)، بما يعرف بصحافة المواطن (التفاعلية والتشاركية)، رغم أنها صحافة المستقبل بجانب كونها الصحافة الحقيقية، إذ من السهولة إعادة إنتاج موادها أفلاماً رائعة تؤرخ للسياق الاجتماعي والمعيشي لفترة ما في مكان ما.

شاهدت طيفاً من فيلم (جُرح) للمُخرج السوري (وائل كالدو) الذي نال الجائزة الأولى عن فئة أفلام صحافة المواطن، ثم قرأت عنه تقريراً منشوراً على إليكترونية (المُدن)، فالفيلم عبارة عن (فيتشر) صحفي مدته ثماني دقائق فقط، تظهر فيه الممرضة (ميساء) من قسم العناية المركزة (الفائقة)، ورغم أنها تعيش في منطقة (آمنة) مقارنة بالوضع الأمني المتردي في سوريا، لكنها لا تنجو من فداحة ما يحدث في بلدها، إذ تلاحقها الحرب إلى بيتها وتفاصيلها اليومية.

يطغى اللون الأحمر المعبر عن الحرب (والدم) على الفيلم، إذ أدأب (ميساء) طوال اليوم على حياكة (شال أحمر) من الصوف، ثم تنتقل لتقطيع الطماطم وتظهر أظافرها مطلية بالأحمر. تحكي (ميساء) أثناء حياكتها الشال الأحمر أو تقطيع الطماطم وإعداد السلطة عن تفاصيلها عبر جمل قصيرة متحدثة عن عملها ويومياتها، وعن شح الإغاثة والإسعافات والمساعدات الطبي. وتضيف ميساء أنها لم تشارك في الثورة من باب الإيمان بالجهاد، هي السافرة والعلمانية. بل تعتقد أن الثورة واجب وطني. (فيلم جرح)، جاء مزيجاً من الصدمة النفسية والخطر الجسدي. وفاز بناءً على ذلك.

أليس محزناً أن تعجز صحافتنا عن إنتاج فيلم من هذه الفئة على الأقل، ثم تنافس بعد في مسابقات ومهرجانات كهذه، كم يكلف تحويل (القصص الخبرية) و(التقارير الاجتماعية) إلى أفلام؟ ولماذا كل هذا العجز عن عمل شيء مبدع ومفيد؟ ولماذا نلعن الظلام ولا نستطيع إيقاد شمعة صغيرة، كما فعل (جرح) وغيره من الأفلام الأخرى من مصر والمغرب وتونس والجزائر والعراق و…… (عدا السودان) كما جرت العادة، وستجرى بإذن الله لعقود طويلة، طالما (تلك العقليات) لا تزال فاعلة!!

[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمان
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي