حيدر المكاشفي

الفساد المحمي بالأسياد

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] الفساد المحمي بالأسياد [/B][/CENTER]

في أخبار الأمس أن جمعية حماية المستهلك كشفت عن استعانة مدير مصنع حلويات بوزير لم تسمه، للافراج عن أكثر من خمسين كرتونة حلوى احتجزتها السلطة المختصة لمخالفتها للمواصفات ، ولكن نتيجة لتدخل الوزير المذكور تم الافراج عنها ووجدت طريقها للأسواق …لا شك أن بعض المستهلكين قد ابتاعوا من هذه الحلوى المضروبة وتسببت لهم في بعض المتاعب الصحية وخاصة الأطفال،ولا شك أيضا أن لهذا الوزير المتستر عليه مصلحة في تسويق هذه الحلوى التالفة ،وعلى منوال هذا الفساد السيادي (أليس الوزير منصب سيادي) أذكر ما سبق أن كشفته احدى الصحف عن ضبط الأمن الاقتصادي لمواد اسرائيلية منتهية الصلاحية يستخدمها مستثمر تركي في تصنيع الحلويات والآيسكريم والعصائر والبقلاوة، وعند القبض على شقيق صاحب المصنع بدا مطمئنا بل ومستهترا من التحقيق معه، لعلمه أن أخاه صاحب المصنع (لم يعثر عليه وقت المداهمة) له علاقات مع نافذين في الدولة،وكان أخوه قد تماطل فى المثول أمام السلطات حتى وقت متأخر وإدعى فى مكالمة هاتفية مع أحد أفراد التحقيق أنه قادم (ومعه قيادات كبيرة) ليتضح لاحقا أنه بالفعل كان على علاقة وربما شراكة مع أحد أصحاب النفوذ المجاور أي أنه يستمد نفوذه من علاقة قربى من الدرجة الأولى بأحد الرؤوس الكبيرة أو صحبة قوية …هذان مثالان مما علمنا من عينة الفساد المحمي بالسيادة والله وحده أعلم بما لم نعلم ولم يكشف أو يذاع وطمر وفقا لفقه السترة على طريقة خلوها مستورة …

ان أمثال هؤلاء المستثمرين الذين يظاهرهم أو يشاركهم سياديون أو نافذون من الباطن إنما يريدون أن “يكوّشوا” المال ب(تكييش) الشعب السوداني عن طريق هذه الاستثمارات ليست الهامشية الصغيرة فحسب بل والمضروبة أيضا حتى لو أدى ذلك إلى موت المستهلكين السودانيين بعد أن وجدوا في أرض السودان، بل وفي قلب عاصمته، من الثغرات ما يمكّنهم من ممارسة أنشطتهم الإجرامية بكل تؤدة واطمئنان، هذا إن لم يكن بمعاونة وتواطؤ بعض النافذين من ذوي الحول والطول، الذين يوفرون لهم الحماية، كما في خبري الحلاوة والبقلاوة. والواقع أن مثل هذه الاستثمارات الهامشية الصغيرة ليست وقفاً على الحلاوة والبقلاوة، وإنما امتدت وتمددت لتشمل صوالين الحلاقة الرجالية وكوافيرات الستات ومحلات الستائر والأرائك والمطابخ والمطاعم والبوفيهات والمقاهي وهلمجرا، من أعمال يطلق عليها مجازاً استثمارات، وهي أبعد ما تكون عن الاستثمار الأجنبي في معناه المعروف وأبعاده وعوائده المرجوة، فهي تدر أرباحاً بالحق وبالباطل على أصحابها، ولا تعود بأية خدمة مفيدة على الدولة ومواطنيها، والأدهى والأمر من ذلك أن يتخذ أمثال مستثمري الغفلة هؤلاء طرقاً ووسائل غير مشروعة، ويستجلبون مواداً مضروبة وملوثة وقاتلة كما في المثالين آنفي الذكر، ولكن إن كنا نعتب على هؤلاء ونطالب بمراجعة كافة الاستثمارات الهامشية والصغيرة ومحاكمة عديمي الضمائر والأخلاق من المستثمرين، يجدر بنا أولاً أن نحاسب مسؤولينا الذين دخلوا في شراكات أو ارتبطوا بمصالح باطنية أو قدّموا تسهيلات لا يستحقها هؤلاء الفهلويون المجرمون، وتجاوزوا لهم اللوائح والضوابط، وبالضرورة فان أول خطوات المحاسبة لابد أن تبدأ بكشف أسمائهم ولتكن البداية بهذا الوزير…

[/JUSTIFY][/SIZE]

بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي