عبد اللطيف البوني

ناس كويسين ولكن!


[ALIGN=CENTER]ناس كويسين ولكن![/ALIGN] يقول المثل السوداني الدارجي (شقي الحال يلقى العظمة في الفشفاش) طبعاً ما في داعي للمثل داك ولاولاد الزمن دا نقول (يلقى الملح في الباسطة)، أما ناس شمال الوادي يقولون (الحلو مايكملش) ولعل هذا ماحدث لنا، ففي قمة ابتهاجنا بحكم محكمة التحكيم الدولية الخاص بأبيي الذي نزل علينا برداً وسلاماً، هناك أصوات تأبى إلا ان تذكرنا بأجواء العكننة والتشاكس والمجابدة، ولعل المؤسف ان هذه الأصوات صدرت من ذات الاشخاص وذات الحناجر التي حملت البشريات للشعب السوداني تحديداً الدكتور رياك مشار (الذي لا تفارقه البسمة) رئيس فريق الحركة في لاهاى والسفير الدرديري محمد أحمد (ذو الملامح الهادئة) ورئيس فريق الحكومة في لاهاى.
لنبدأ بـ (الباسم) رياك مشار، فقد قال في افتتاح جلسة المحكمة انهم في الحركة يلتزمون التزاماً كاملاً بتنفيذ حكم المحكمة مهما كانت متطلباته وبعد تلاوة القرار أكد رياك مشار ذات الموقف الذي أعلنه من قبل، وقال ان هذا يوم تاريخي لأهل السودان، ولكن بعد ساعة تقريباً سمعنا تصريحاً من رياك مشار بعظمه وشحمه ومن خلال قناة الجزيرة قال فيه ان خروج هجليج والميرم من منطقة أبيي لا يعني خروجها من الجنوب، وانهم في الحركة لديهم ما يثبت تبعية هذه المناطق للجنوب وسوف يقدمون هذه الادلة للجنة ترسيم الحدود. وفي تصريح لاحق قال الدكتور لوقا بيونق موضحاً ان هجليج تابعة لولاية الوحدة وسوف ترجع للجنوب من خلال لجنة الحدود. بالله مش حاجة عجيبة؟ ناس اجتهدت بكل ما تملك لاثبات ان هذه المناطق تابعة لابيي وعندما لا تحكم المحكمة لهم يقولون انها تابعة للوحدة؟
أما ( الهاديء) الدرديري، فقد قال في بداية الجلسة انهم في الحكومة سوف يقبلون قرار المحكمة وسوف يدرسونه جيداً بعد صدوره، وقد وصف السيد أتيم قرنق وبحق ان كلام الدرديري فيه شيء من التحفظ ولكن بعد صدور الحكم قال الدرديري انهم سوف ينفذون قرار المحكمة بحذافيره، فتطابق كلامه مع كلام الدكتور مشار وتعانقا أمام العدسات ولكن في ذات القاعة صرح الدرديري للاذاعة السودانية مذكراً ان تحديد منطقة ابيي لا يعني تبعيتها للجنوب، فهي الآن تابعة لرئاسة الجمهورية انما الامر سوف يخضع لاستفتاء في مطلع العام 2011م قبل استفتاء تقرير المصير ليحدد سكان المنطقة اختيارهم للشمال أو الجنوب وان الاستفتاء سوف يشترك فيه كل قاطني المنطقة، وألمح الدرديري الى ان معركتهم القادمة ستكون كسب هذا الاستفتاء. كلام الدرديري طبعاً من ناحية دستورية صحيح ولكن اشارته لمعركة أخرى قادمة في هذا الوقت لم يكن موفقاً ثم ثانياً والأهم ان حكم المحكمة بتحديد منطقة أبيي يعني انها مناطق عموديات الدينكا التسع التي أخذت من بحرالغزال وضمت الى كردفان في العام 1905م وهذا هو أصل القضية، فهل يعقل ان يقال لهم انكم راجعين راجعين للشمال (كسر رقبة)؟؟
ان رياك مشار والدرديري من حمائم السلام دون شك ولا يحسبون على الصقور بأي حال من الأحوال ولكن وضعهما كمحاميين متواجهين في قضية واحدة جعلهما يستعملان لغة الربح والخسارة ولغة ان خسرنا جولة لن نخسر المعركة وان الشغلانة لم تنته على هذا و(التقيل ورا) لذلك يمكن ان نجد لهما العذر فيما قالاه في لحظة انفعال اختلط فيها الفرح بلغة الحساب، ولكن المشكلة في ان محبي العكننة سوف يلتقطون مثل هذه الاشارات ويجعلونها قضية ليستمر نزيف الوقت والجهد والمال ويستمر عدم الاستقرار ويضيع علينا همبريب أبيي قبل ان تمتليء رئتا السودان منه.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
بتاريخ26/7/2009)
aalbony@yahoo.com