صلاح الدين عووضة

سود النية ؟!!

[SIZE=5][JUSTIFY][CENTER][B] سود النية ؟!! [/B][/CENTER]

*الطفل (الهجين) كان يرمق بأسى والده (السوداني) وهو يلطم نجاح زوجته الروسية بـ(كفوف!) كلماته الجارحة ..
*كانت الزوجة ترتقي من نجاح لآخر – في عملها المصرفي – بينما الزوج يكابد مشاق محاولة إثبات الذات في وطن (الصقيع) ..
*ولما لم يطق صبراً – الطفل خاطف اللونين – صاح في وجه أبيه ببراءة الطفولة : ( إنت ليه سوداني كده ؟!) ..
*ولا أحد من رواة القصة هذه يدري (حقيقة) ما عناه الطفل بمفردة (سوداني) تلك :
*هل كان يعني أنْ لماذا والده هو (أسمر) هكذا قياساً إلى لون بشرة أمه ؟! ..
*أم كان يعني أنْ لماذا أبوه (أسود القلب!) إلى الحد هذا ؟! ..
*ومجالسنا المجتمعية العامة – في السودان – لا تكاد تخلو من عبارة (حرامي ، جاب القروش دي من وين يعني ؟!) متى ما ذُكر اسم شخصٍ ذي نعمة مثلاً ..
*ومجالسنا الطبية لا تكاد تخلو من عبارة (شهرته دي عملها بالدعاية بس ، ما عنده حاجة !) متى ما ذُكر اسم طبيب مشهور ..
*ومجالسنا الفنية لا تكاد تخلو من عبارة (بستغل علاقاته مع الصحفيين عشان يلمعوه ، كيسه فاضي !) متى ما ذُكر اسم مطرب أو موسيقي أو شاعر أو مذيع ..
*ومجالسنا الصحفية – نحن أنفسنا – لا تكاد تخلو من عبارة (زمن ابن كلب اللي يخلي واحد زي ده ياخد أضعاف اللي بياخدوه زملاء أشطر وأقدم وأحسن منه!) متى ما ذُكر اسم واحد نال حظاً من الشهرة ..
*والبرلمانية سامية أحمد محمد قالت – قبل فترة – أن أجور بعض الكتاب أعلى من رواتب وزراء ومتنفذين وتشريعيين ..
*قالت ذلك – أخت نسيبة – دون أن تشير إلى أن الكتاب هؤلاء لا يتمتعون بـ(مجانية!) السكن والسيارة والكهرباء وفاتورة الهاتف ..
*والأهم من ذلكم عدم (استمرارية!!) الرزق الذي هو عرضة للقطع كل يوم..
*والعلامة عبد الله الطيب نُسب إليه قولٌ – لا أعلم مدى صحته – خلاصته أن قبائل العرب الذين امتزجت دماؤهم بدماء السودانيين اشتهرت جميعها بالحسد عدا واحدة..
*وحديث آخر نُسب للترابي -لا أدري مدى صدقيته كذلك – فحواه أن تعريف أبناء السودان بـ(السودانية) مرجعه إلى أنهم (سود النية !!)..
*وحديث ثالث – لا أعرف لمن يُنسب – يربط بين صفتين اشتهر بهما السودانيون هما (الكسل) و(الحسد!) ..
*بمعنى أن (الكسل) الذي يُقعد بالسوداني عن الاجتهاد – في مجالٍ ما – هو الذي يدفع به إلى (حسد) الذين شذوا عن القاعدة هذه فـ(نجحوا !) ..
*والطيب صالح لو قُدر له أن يبقى بـ(موسمه!) في بلادنا لما (هاجر شمالاً)- ربما – ليصير (موسم الهجرة إلى الشمال) الذي عرفه العالم أجمع ..
* ورب العزة – خالق الناس – يقول في المعوذتين (من الجنة والناس) و(من شر حاسد إذا حسد) ..
*والشاعر العربي قائل بيت (الحسد) الشهير (وقديماً كان في الناس الحسد) لعله – إن عاش بيننا – كان استبدل مفردة (الناس) بـ(السودانيين!) ..
*ورئيس حزب الأمة – الصادق المهدي – قال لكاتب هذه السطور يوماً (مقياس نجاح المرء في بلادنا هو أن يُحسد بمقدار نجاحه هذا) ..
*أي أن من كان ناجحاً (جداً) فهو يكون محسوداً (جداً) ..
*ومن كان ناجحاً (قليلاً) فهو يكون محسوداً (قليلاً) ..
*ومن لم يكن ناجحاً (خالص) فهو ينجو من الحسد(خالص) ..
*فهل نحن فعلاً (سود النية) أم (بيض) الدواخل ؟!…
*نوجه السؤال لجراح الكلى (أبو سن!!!).
[/SIZE][/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة