عبد اللطيف البوني

اعملوه مخدات


[JUSTIFY]
اعملوه مخدات

بالأمس كتبنا عن نجاح القطن المحور وراثياً في مشروع الجزيرة نجاحاً مذهلاًًً حيث يتوقع أن تصل الإنتاجية في المتوسط للفدان أرقاماً تعتبر فلكية مقارنة مع ما كان ينتجه الفدان من القطن التقليدي في تاريخ مشروع الجزيرة الطويل ولكن وعلى طريقة (شقي الحال يلقى العضمة في الفشفاش) طبعاً دا أحسن من المثل داك .كان لابد من أن تظهر مشكلات تبقي على الدمامل في وجه هذا المشروع العاثر الحظ . قلنا إن الكمية المزروعة كانت 46 ألف فدان، 25 ألفاً منها بتمويل عن طريق الإدارة، و21 ألفاً بتمويل ذاتي أي زرعها المزارعون بحر مالهم. فتخيلوا أن الإدارة قالت إنها سوف تشتري القطن وبسعر التركيز من المزارعين الذين مولتهم أما الذين مولوا من مدخراتهم فيشوفوا شغلهم.
كما هو معلوم فإن القطن وفي كل تاريخ مشروع الجزيرة كان المحاصيل التي لا تجد طريقها إلى مخازن المزارعين فهو سلعة نقدية يسلمها للدولة من الحواشة ثم ينتظر الصرف فهو لا يعلم عنها أي شيء , طريقة غزلها و نسجها أو تصديرها لقد كان القطن ومازال رمزاًً للتجهيل والاستكراد الواقع على المزارع ويصف العلماء هذا بتغريب الجهد . يقول أرثر جتسكل آخر محافظ بريطاني لمشروع الجزيرة إن الشيخ أحمد بابكر إزيرق وهو من أبكار قادة المزارعين قد سأله ذات مرة عن الذين يشترون قطن الجزيرة (إنس ولا جان ؟) وسأله هل العملية فيها يفتح الله ويستر الله ؟ قال جيستكل ساعتها أدركت إننا لا يمكن أن نسوق هؤلاء المزارعين كالأنعام ولابد من تبصيرهم وتنويرهم بكل ما يتعلق بمحصولاتهم ولكن للأسف هذا لم يحدث حتى يوم الناس هذا.. فجماعة المصلحة مصرين على عمى المزارع .
هؤلاء الذين زرعوا الـ 21 ألف فدان زرعوها بتشجيع من الإدارة وقد اشتروا التقاوي والمخصبات والأسمدة بحر مالهم وكاش داون من ذات الجهات المسؤولة عن المدخلات فهؤلاء أولى بالاهتمام من غيرهم لأنهم وفروا للإدارة والدولة كل تكلفة الإنتاج ولو لاسمح الله فشل موسمهم ليس هناك أي جهة تتحمل عنهم لا شركات تأمين ولا بنوك ولاغيرها ولكن الظاهر أن هناك من يريد أن يبقي على المزارع تحت السيطرة فاقدًا السيطرة على حواشته ومحاصيله ليبيع له المدخلات كما يريد.
أسواق القطن العالمية على قفا من يشيل والطرق إليها سالكة من البنوك ومن الشركات وعلى رأسها شركة الأقطان ذلك الوكر الذي أضر بالقطن وزراع القطن والتي تقف الآن أمام القضاء في قضية بمليارات الدولارات ولكن المزارع الفرد ليس له سبيل لذلك السوق. فالدولة التي تقول إنها تريد أن ترجع للقطن هيبته ومكانته في الصادركان ينبغي عليها أن تشتري من المزارعين الذين كفوها مؤونة التمويل وبأعلى الأسعار. الدولة عليها البحث عن الأسواق أما إذا كانت محاصرة وكل أسواق الدنيا مغلقة في وجهها ولا أظن ذلك كان ينبغي عليها أن لا تحضر التقاوي ولا بقية المدخلات وتبيعها لهؤلاء الذين زرعوا القطن من مواردهم ثم انزرعوا به
في تقديري الخاص إن المماطلة التي تحدث الآن للمزارعين الذين انتجوا القطن على حسابهم الهدف منه إبقاء المزارع في دائرة الجهل والتخلف والتبعية لتذهب فائض قيمته لجماعات المصلحة أولئك المتطفلون على زراعة المزارع كما السلع فالحل على المدى المتوسط والبعيد هو فتح سوق القطن.. استيراد مدخلات وتصدير أمام القطاع الخاص وعلى المدى العاجل شراء الكميات التي أنتجت في الـ21 فداناً بأكثر من سعر التركيز تشجيعاً للتمويل الذاتي.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]