جمال علي حسن

يجب أن تحترم اليوناميد نفسها وبيانها


[JUSTIFY]
يجب أن تحترم اليوناميد نفسها وبيانها

طلب اليوناميد القيام بزيارة ثانية وتحقيق جديد في منطقة تابت كان في حد ذاته طلباً مسيئاً للحكومة السودانية وللقوات المسلحة، حيث أنه من الممكن أن يطلب أي فريق دولي الذهاب والتأكد من حقيقة المزاعم الشائعة والرائجة التي تفيد بقيام منسوبي القوت المسلحة بعمليات اغتصاب جماعي لنحو 200 امرأة أو فتاة في تلك القرية..

هذا مفهوم.. لكن ليس من اللائق ولا الطبيعي أن تعود اليوناميد للتحقيق مرة ثانية بعد أن ذهبت في المرة الأولى ووقفت بنفسها على الأمر وقابلت الأهالي وأصدرت بيانها في العاشر من الشهر الجاري الذي قالت فيه إنها لم تعثر على أية أدلة تدعم التقارير الإعلامية التي ذكرت أن جنوداً سودانيين اغتصبوا نحو 200 امرأة وفتاة في القرية..

مجرد المطالبة بزيارة ثانية أراها أمراً مسيئاً للقوات المسلحة ويفيد بأن اليوناميد لا تريد أن تصدق ما رأته عيناها من براءة للقوات المسلحة وكأن القوات المسلحة السودانية بالنسبة لهم مؤسسة مشبوهة ومدانة مسبقاً.. أو هي عصابة إجرامية مشتبه فيها وفي ممارساتها فلا يستطيعون أن يصدقوا براءتها أو يصدقوا عيونهم.. هذا غريب حقاً!

الطلب في حد ذاته يمثل تعريضاً بالقوات المسلحة وبالحكومة السودانية لذلك أرى أن رفض الخارجية السماح لهم بما سموها المزيد من التحقيقات هو قرار صائب وعزيز وصحيح مائة بالمائة.

لا يجب أن نقبل بالتعامل مع من يأتي إلينا بشكوك لا تحتمل عنده النفي.. ولا نقبل بمن ليس لديه استعداد للاقتناع ببراءة القوات المسلحة من تهم الاغتصاب برغم السماح له بالتأكد من ذلك بنفسه.

عند مطالعتي لمبررات اليوناميد في العودة للتحقيق بعد تصريحات سفير أستراليا لدى الأمم المتحدة جاري كوينلان تخيلت أن الرجل يتحدث بلغة الأفلام الهندية ويحكي عن عصابات (القند) وليس عن جيش دولة محترمة وهو يقول: “إن التواجد الكثيف للجيش السوداني أثناء مقابلات (يوناميد) لضحايا الاغتصاب المزعوم في (تابت) أثار مخاوف جدية”.. بمعنى أن الجيش يقوم بتوجيه (العين الحمرا) للضحايا لإخفاء جريمته عبر ترهيبهم وتخويفهم أثناء الاستماع لإفاداتهم.. أم ماذا؟!!.. وأن من يتجرأ منهم ويتحدث عن واقعة الاغتصاب المزعومة ستتم معاقبته أو قتله..

هذا ما فهمناه من تصريحات كوينلان.. فهل هذا يليق بخطاب مسؤول دولي من المفترض أن يتحلى بحياد موضوعي ويضع حسن الظن على الأقل في نوايا القوات المسلحة لدولة لها سيادتها بعد أن يسمع شهادات نفي صريحة من الأهالي؟.. ماذا يريد بعدها كوينلان وهل مطلوب من الحكومة أن تثق في حياد من يطلق هذا النوع من التصريحات؟

إذا وافقت الحكومة على عودة اليوناميد لإعادة التحقيق في تابت فإن موافقتها تلك ستنتقص من سيادة الدولة وكرامة جيشها..

أما الشيء المدهش حقاً فهو عناوين الأخبار التي خرجت بها بعض الفضائيات العربية ووكالات الأنباء بعد بيان الخارجية حين تكون صياغتها كالتالي: “السودان يمنع الأمم المتحدة من التحقيق في جرائم الاغتصاب التي وقعت في منطقة تابت”!!

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي