جعفر عباس

يا عالم نحن جزء من العالم


[JUSTIFY]
يا عالم نحن جزء من العالم

ترقد في مستشفى في إسبانيا في هذه اللحظة، طبيبة كانت في ليبيريا لمساعدة مرضى الإيبولا، بعد أن أصيبت بذات المرض، وشهدت الولايات المتحدة حالتي وفاة بسبب الإيبولا، ورأيت أن أدق نواقيس الخطر، لأننا في العالم العربي نتعامل مع الأحداث الجسام التي تقع هنا وهناك، باستخفاف، وبإحساس من يعيش على كوكب آخر، وبالتالي ما لنا وكارثة المفاعل النووي في اليابان، وبإعصار كاترينا في نيو أورليانز في الولايات المتحدة
ويتعامل العرب مع التغيرات المناخية وثقب الأوزون وكأنه شيء يخص الغربيين، لأنهم من تسبب فيه، ولكن ما لم نشاركهم في سداد فواتير فعلتهم تلك الآن، فسيكلفنا ذلك الكثير مستقبلا، وعلينا أن نفعل ذلك طوعا وليس كرها، كما فعلنا عندما جاريناهم في محاربة تجارة الرقيق، التي ابتدعوها منذ الإمبراطورية الرومانية، ثم ما إن حل القرن السادس عشر حتى أصبح الاتجار بالأفارقة أكثر ربحية من تجارة الذهب، ثم ابتدع البريطانيون القرصنة البحرية، وتبعهم بقية الأوربيين، وبعدها بنحو قرنين قرروا تحريمها، وما إن دخل سوق القرصنة بعض الصوماليين، حتى جيّشوا الجيوش، وجرجرونا معهم في محاربة القرصنة.
والشاهد يا جماعة «ما فيها شيء» في أننا نقلد الغرب ونجاريه في أشياء تعود على بني البشر بالنفع العام، وعلينا أن ننفق بسخاء لمحاربة الإيبولا، ولو بدرجة أقل من سخائنا في محاربة «دولة الخلافة» الوليدة، أما في مجال الإسهام في منع حدوث المزيد من التغيرات المناخية، فلسنا مطالبين بـ «الإنفاق» بل بخفض الإنفاق، فالعرب مجتمعين – أكبر منتج للطاقة، ولكنهم وفي ذات الوقت أكبر من يهدر الطاقة «على الفاضي»، ففي ظل تفشي الفشخرة والتباهي صارت الكثير من البيوت العربية تستخدم طاقة كهربائية أكبر من تلك التي تستخدمها المصانع، بل تجد مبنى عربيا مغطى بالمصابيح الكهربائية المتلألئة، فتحسبه كازينو في لاس فيغاس عاصمة الرجس ومحج الأنجاس، وما إن ظهرت سيارات الدفع الرباعي، حتى انطلقت صرخات ارخميدسية من كل العواصم العربية: وجدناها، وعلى مدى نحو ربع قرن صار امتلاك ذلك النوع من السيارات فرض عين اجتماعيا، وصار التباهي بما إذا كانت السيارة تلك ذات ستة أو ثمانية «سليندر» التي ينطقها البعض «سريندل».
يا عالم نحن جزء من هذا العالم، ولا تحسبوا أنه طالما نحن لم نتعرض لأعاصير وتسونامي وأوبئة فلا ينبغي أن نحمل همّ المصائب التي تمر بغيرنا، أو ننام ملء جفوننا عن شواردها طالما «الكفيل الأمريكي صديق وقت الضيق»، بينما حقيقة الأمر هي أن أمريكا وصويحباتها الأطلنطيات، بلا عواطف.. تدخلوا في الكويت وليبيا على أمل الفوز بعقود شفط النفط، أما سوريا الأسد والتي يلتف حول رقاب أهلها حبال من مسد، فـ «دولة أجنبية، ونحن في الناتو لا نمارس الحشرية».. وتذكروا أن جزيرة العرب تشكلت نتيجة فالق عظيم فصلها عن إفريقيا، والدول العربية في أفريقيا وآسيا تقع على حواف صفيحة تكتونية، وإذا تكتكت لا قدر الله أو تسببت ظاهرة الإحماء في ارتفاع مناسيب البحار والمحيطات في السنوات المقبلة فستكون الكثير من الدول العربية من فصيلة «أتلانتس» تلك القارة التي اختلفت الروايات حولها: هل كانت قائمة ثم غاصت أم هي من أساطير الأولين
شاركوا في مكافحة الإيبولا والكوارث الطبيعية، وتذكروا أن الأوزون ليس من المسكرات، بل غطاء وغشاء لنا فيه نصيب، ولو لم نسهم في ترقيعه وحالنا كما تعرفون مكشوف سلفا، فستنهال علينا شواظ من لهب، وأوربا وأمريكا هما السبب، ولو تنكروا لنا لحظتها فلا عجب.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]