جعفر عباس

لماذا أحببت كأس العالم للكرة؟

[JUSTIFY]
لماذا أحببت كأس العالم للكرة؟

كلما اقترب شهر الصوم اضطرب نومي واضطربت معه حالتي النفسية، بسبب الترويج والتنويهات التي أراها على شاشات التلفزيونات العربية، أخذا في الاعتبار أنني كنت جسورا منذ نحو عشر سنوات بحيث أصدرت فتوى لا يسندها نص صريح لا في الكتاب او السنة (ولكن تقوم على «القياس») بأن الكثير مما تبثه القنوات الفضائية العربية ينقض الوضوء ويوجب الغسل، علما بأنني والله على ما أقول شهيد لا أتابع ما تبثه تلك الفضائيات عمدا قطّ، بمعنى أن عيني قد تقع على بعض غثاثاتها وأنا أزور مكانا خارج بيتي أو وأنا أتنقل بحثا عن قناة خالية من الدنس والرجس السياسي والثقافي.
ثم تزامنت منافسات كأس العالم لكرة القدم الأخيرة مع شهر رمضان الفضيل، وانفض الناس عن التلفزيونات العربية الترفيهية، ولأن كرة القدم العربية لا في العير ولا في النفير في المنافسات الدولية، فإنك تجد عشاق كرة القدم العرب متعددي الولاء، فهذا يشجع ألمانيا وذاك إسبانيا وغيره سويسرا، أما البرازيل فهي الممثل الدائم للعرب في منافسات كأس العالم، لأن معظم مهووسي كرة القدم العرب يشجعون المنتخب البرازيلي (تقارير صحفية خبيثة قالت إن حرص المشجعين العرب على متابعة مباريات البرازيل يعزى ليس الى عشق طريقة البرازيليين في مزاولة اللعبة، بل الى الاستمتاع بتضاريس نساء البرازيل اللائي يذهبن إلى ملاعب كرة القدم بملابس في منتهى التقشف، تضغط على الجسم بذريعة ضغط المنصرفات).
والشاهد هو أنني كنت سعيدا أيما سعادة بتزامن بطولة كاس العالم لكرة القدم مع شهر الصوم، لأنها جعلت بضاعة بلهاء التلفزة العربية تبور، فلعلّة في عقول القائمين على أمور التلفزة في بلداننا، فإنهم يخرجون علينا ببرامج تؤكد أنهم من ذوي الاحتياجات الذهنية الخاصة، بينما هم يحسبون أنهم يضحكون على جمهور المشاهدين، ويبصقون على عقولنا بمسلسلات يفترضون أنها كوميدية بينما هي السخف والبله في أقصى تجلياته، وقد يعجب القارئ عندما يعرف أنني لم أتابع أي مباراة في هذه البطولة ولا اللواتي سبقتها، لأنني أكره كرة القدم (انتبه الى التشابه الهجائي بين «كره» و«كرة»)، رغم أنني أعرف أن فيها متعة ممارستها، ومتعة مشاهدة من يجيد ممارستها، وسرّ كرهي لها هو أن الحكومات العربية تحاول ان تقنع شعوبها بأن الكرة أساس التنمية، وأن خسارة «المنتخب الوطني» لمباراته ضد منتخب سلطنة بروناي هزيمة بطعم النجاح، ثم كانت القطيعة النهائية بيني وبين كرة القدم بعد موقعة الخرطوم حين التقى منتخبا مصر والجزائر لكرة القدم، ولا أذكر من نتيجة المباراة سوى تحويل الخرطوم التي «أصلا مو ناقصة» إلى ساحة حرب حقيقية، وتبارى أقزام الإعلام في البلدين لتبادل الشتائم، ونال السودانيون نصيبا طيبا من السباب من إعلاميين مصريين، وتم تصعيد الأمر بسحب سفير مصر من الجزائر وسفير الأخيرة من القاهرة، ولولا وجود ليبيا وتونس كمنطقة عازلة لدخل البلدان في حرب برية وجوية كما حدث بين السلفادور وهندوراس بسبب خلاف حول نتيجة مباراة في كرة القدم في يوليو 1969، وقد اضطررت الى مضاعفة الجرعة التي أتناولها للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم عندي عندما رأيت كيف تم استقبال الفريق الجزائري وكأنه فتح عكا، بعد أن عاد من البرازيل صفر اليدين.
المهم أنه كرم من الله أن أتانا هذا العام ببطولة دولية لكرة القدم، فجافيت شاشات التلفزيون نهائيا، وهكذا لم يتعرض صيامي أو مشاعري للجرح، لأن فيفا وفيفي عبده في نظري صنوان.. فهمت؟ عنك…!!!
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]