جمال علي حسن

الترابي.. مكرهٌ أخاك وبطل

[JUSTIFY]
الترابي.. مكرهٌ أخاك وبطل

الترابي هو السياسي السوداني الذي لا يتهيب الانتقال والتحرك بين المواقف التي يختارها مهما بدت صعبة للآخرين.. يقرر فلا يتردد لأنه يدخل إلى المراحل من بوابة تصنيعها وورشة تركيبها ولا يقبل بأن تصنع تلك المراحل مواقفه..

ولدي قناعة بأن ضوءاً أخضر كان قد أرسله الترابي للحكومة قبل مبادرة الحوار، هذا الضوء الأخضر هو الذي جعل الحكومة تملأ يدها من الحوار وتطرح مبادرته وهي واثقة بأن شباكها لن تخرج خاسرة إطلاقاً.

ومن يستمع لخطاب الترابي السياسي قبل عامين يكاد يجزم باستحالة أن تعود المياه بينه وبين الإنقاذ إلى مجاريها القديمة أو تقترب حتى من تلك الممرات وتلك العوالم التي غادرها بعد لعنة عام التسعات الثلاث المتوالية..

الترابي كان يتحدث بلغة قطعية بأن أمام النظام خيارين لا ثالث لهما إما الذهاب بالحسنى أو الذهاب بالثورة.. ولم يكن الحوار بين الطرفين مطروحاً عند الترابي بل لم يجتمع الرئيس البشير مع الترابي قبل مبادرة الحوار لأكثر من 15 عاماً ولذلك كانت الحكومة على يقين كامل بأن قناعة الترابي بالحوار يجب أن تكون قناعة مدروسة بأي حسابات كانت لكنها قناعة راسخة لن تتزعزع.

وأول أمس أطلق الترابي الصور الأولى للقاعدة الخرسانية التي ارتكز عليها بناء موقفه الذي فاجأ به الرأي العام حين لبى نداء الحوار الذي أطلقه البشير في يناير الماضي وهو يقول في ندوة المحامين: “قبلنا حوار البشير بعد أن عجزنا عن إسقاط النظام”.

وبقراءة عميقة لهذه العبارة الاعترافية الجريئة نجد أن الترابي يعزز وبدهاء بالغ رهانه الكبير على موقفه الجديد بعبارة لا تهمل احتمالات الظروف القادمة ولا يهمل بها مخارج إجاباته في محكمة التاريخ لاحقاً حين يُسأل عن الانتقال الحرج من موقف نهائي حاسم وقاطع تجاه الإنقاذ كان يتبناه ويحشد له لسنوات إلى خيار الحوار الذي لم يكن يطرحه ضمن خياراته للنظام بل كان متطرفاً في معارضته في السنوات الماضية.

الترابي لا يريد أن يردد العبارة التقليدية الموروثة التي قالها عمرو بن العاص لسيدنا علي فغدت مثلاً “مجبرٌ أخاك لا بطل” بل يريد أن يفكك مفردات تلك العبارة ويفلسف فكرتها ثم يعيد تجميعها من جديد لتصبح: “مجبرٌ أخاك وبطل” في ذات الوقت.

وفي اعتقادي أن المسافة التي طواها الترابي مع الإنقاذ بموقفه الأخير أكبر من مسافة القوى المعارضة الأخرى مع النظام الآن.. تلك القوى التي تريد – في نفسها – أن تلتحق بالحوار لكنها سجنت نفسها تحت سقف مرتفع لا يمكنها الوصول إليه حالياً.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي