البرلمان : ( لقيتوني كيف!! )
أذكر أنني قبل نحو ثلاثة أعوام قد تزيد ولا تنقص ، كنت كتبت كلمة تحت العنوان أعلاه أقرظ فيها صنيعا نادرا للبرلمان، أذكر أنه كان اسقاطه الزيادة على سعر البنزين التي تقدمت بها الحكومة وقتها، وتمسكه بقراره بل وتأكيده على نهائيته التي لا عودة بعدها للزيادة، لا بعد حين ولا بعد سنين …واليوم بعد رفضه لمقترحين رئاسيين لتعديل مادتين في الدستور، يقضي التعديل الأول المقترح منح الشرطة الحق في اقامة محاكم خاصة بها ، والذي يرجح أنه يجئ على خلفية قضية النقيب الشجاع أبو زيد الذي فصلته وأدانته محكمة شرطية، بينما حكم القضاء الدستوري ببطلان حكم محكمة الشرطة لعدم الاختصاص،والمؤكد أن هذا التعديل يهدف الى اكساب محاكم الشرطة شرعية دستورية كانت تفتقدها ، والتعديل المقترح الثاني الذي رفضه البرلمان كان ينص على اجراء تعديل دستوري على قانون القوات المسلحة يتم بموجبه حذف أربعة مواد منه واستبدالها بالمقترحات المقدمة من فرع القضاء العسكري ،ويبدو راجحا أن المطلوب بهذا التعديل تحصين قرارات الرئيس فيما يخص القوات المسلحة أو أحكام القضاء العسكري من الطعن فيها أمام المحكمة الدستورية…بعد هذه الوقفة المشرفة منه، كأني بالبرلمان ولمرة ثانية نادرة يرفع رأسه عالياً من بعد طول انحناء وطأطأة ويقف شامخاً رافعاً أنفه التي كثيراً ما (جدعتها) الحكومة حتى صارت أحاديثه مجرد (نخنخة)، يقف الان مزهواً بقراره هذا كازدهاء الطاؤوس بريشه ليقول للشعب (أها لقيتوني كيف)، و( لقيتوني كيف ) لمن لا يعرفها هي عبارة اعتاد شباب هذا الزمن على قولها حين يُحسن أحدهم صنعاً وهو واثق انه لن يسمع غير أحسنت في الحد الأدنى من عبارات الاطراء والتقريظ…
الآن من حق البرلمان أن يسألنا متباهيا ( لقيتوني كيف ) ومن حقه علينا أن نجيبه ( لقيناك نيف وكويس بس في حاجات كتيرة لسه عايزة مواقف قوية زى دي ) ومن أهمها التعديلات التي أودعها منضدة الهيئة التشريعية وزير رئاسة الجمهورية صلاح ونسي ( رحم الله والده أستاذنا الشيخ الجليل ونسي محمد خير) والتي اشتملت على حق الرئاسة في تعيين الولاة وعزلهم وعلى مركزة الأراضي القومية ووضعها أيضا بيد الرئاسة … نعم قلنا من قبل للبرلمان أحسنت وهذه الثانية نقولها بعد زمن طويل ، ولكن يؤسفنا أن نقول في المجمل ان البرلمان كي يكون برلمانا بمعنى الكلمة وبحق وحقيقة ويأخذ النيابة بحقها ومستحقها ما زال ينقصه الكثير ليكون للمواطنين نصيرا ويحتاج كذلك للكثير لتعزيز دوره في إدارة الدولة فيما يليه من مسؤوليات، وحين يبلغ هذا المقام حق له بعدها أن يسأل (لقيتوني كيف)، فنجيب بالصدق في أعمق تجلياته والبهاء في أفضل حالاته والشجاعة في أسمى درجاتها والشفافية في أدق تفاصيلها، وجدناك برلمانا يمثل الشعب ويمتثل لارادته وغير خاضع للتدجيل والتدجين والتطبيل .. أما حتى الآن فلا تقال الا على فترات متباعدة جدا…
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي