الكتاب الأصفر !!
*واليوم هو الجمعة الذي صار يحمل هم خُطب مساجده الكثيرون منا ..
*هم خطب صلاة الجمعة التي هي أبعد ما تكون عن روح الحديث القائل (يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا)..
*وفي بلدتنا – ونحن صغار- كان إمام مسجدنا يتلو خطبه من كتاب عتيق منذ أيام عهد الخلافة العثمانية ..
*كانت خطباً ذات سجع ممل لها كل ما في أقراص (الفاليوم) من خصائص..
*وبالفعل كان يغط في نوم عميق أغلب كبار السن من المصلين..
*ثم لا يصحون إلا حين (يلكزهم) الصغار عقب بلوغ الإمام عبارة (وخديجة الكبرى)..
*وفي يوم تفتقت أذهان بعض الصغار هؤلاء عن فكرة تريحهم من خطب (السلطان عبد الحميد!)..
*فقد (تسوروا المحراب) وعادوا بالكتاب الأصفر الذي هو أكثر قدسية عند إمامنا من الكتاب الأخضر لدى (عبدالله زكريا!)..
*ثم انسحبوا من صلاة الجمعة القادمة عندما رأوا الإمام يتكأ على عصاه – داخلاً – وهو يتأبط نسخة من الكتاب ذاته..
*ولم تفلح – إلا بعد لأي – محولات الكبار اقناعهم بتفضيل أحد خيارين :
*إما الحضور إلى المسجد مع خواتيم الخطبة والإمام يقول (اللهم انصر ولاة امورنا) ..
*وإما الحضور مبكراً ثم الاستسلام لمفعول الخطبة في (التنويم!)..
*واختار أغلب الشباب الخيار الأول …
*وهو الخيار نفسه الذي لاحظت تفضيل شباب زماننا هذا له بسبب (رتابة!) خطب الجمعة..
*وبصراحة ليس كل العزوف الشبابي عن خطب الجمعة بسبب الرتابة هذه وإنما هنالك سبب آخر..
*سبب (سياسي!) بعد أن وُظفت كثير من المساجد لمثل الذي وُظفت له أجهزة الإعلام الرسمي..
*فهي باتت – طوعاً أو كرهاً – منابر سياسية للوطني تغلف أجندته للناس بورق سلوفان (الدين) الجميل..
*وصار الناس يعرفون سلفاً ما سيتحدث فيه أئمة مساجدهم من واقع الذي أغضب الحكومة أو أسعدها خلال الاسبوع..
*فإن ردعت الحكومة تظاهرة احتجاج ما أسهب الأئمة هؤلاء في الحديث عن (حرمة!) الخروج على الحاكم ..
*وإن غضبت من دولة ما غضبوا لغضبها ورددوا مقولة (الاستهداف جراء التمسك بشرع الله!)..
*وإن رضيت عن الدولة هذه نفسها نسوا الاستهداف وذكروا الناس بفضيلة التصالح حتى مع دول (حمراء !!)..
*وأغلب الخُطب (السياسدينية) المذكورة هي بلغة فيها خصائص فاليوم (10) لتجد الرؤوس (تتراقص) من شدة النعاس..
*ثم هي بعد ذلك تعج بالتكرار والإعادة والاجترار تماماً كخطب قادة الإنقاذ المملة..
*أما الشباب فقد فضلوا الخيار ذاته الذي فضله شباب بلدتنا أولئك هرباً من الكتاب (العثماني)..
*ورغم أن كاتب هذه السطور لم يعد شاباً إلا أنه صار ينحو منحى الشباب هؤلاء..
*صار لا يأتي إلى المسجد إلا مع عبارة (اللهم أنصر ولاة أمورنا!)..
*ثم يذكر بكل الخير (الكتاب الأصفر !!!).
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة