تشخيص الأزمة .. لم ينجح أحد!
فلنفترض أن الحكومة والحركة الشعبية وحركات دارفور أعلنت اتفاقا مفاجئا في أديس أببا، ولنفترض أن الصادق المهدي عاد للسودان وانخرط مع لجنة سبعة زائد سبعة.
ولنفترض أن الجميع اتفقوا على إجراء الانتخابات الرئاسية في مواعيدها وتأجيل البرلمانية سنتين، بمعنى أنهم اتفقوا على فترة “إنتقالية دستورية” وتم عرض هذا التعديل على الشعب السوداني وقبله بالاقتراع الحر المباشر.
هل انتهت مشاكل السودان؟! من يضمن عدم انهيار هذه التسوية؟! ما هي مصلحة البلد المرجوة من هذه التسوية؟! وهل هنالك مجلس لتشخيص مصلحة البلاد؟! فلنفترض أن النظام يعرف مصلحته ولا يحتاج إلى مجلس لتشخيص مصلحته!
أين مراكز الدراسات والبحوث؟! إذا انفجرت بعد عودة الجميع للخرطوم وخلال الفترة الانتقالية قضية مثل الحكم الذاتي؟! هل هنالك مراكز متخصصة لدراسة هذا الأمر أم أنها ستصبح قضية مزايدات ومقايضات و”استقطابات” خلال الفترة الانتقالية؟! وإذا لحقت دارفور بالمزايدات، هل هنالك من يضمن ألا يتفاقم أمرها إلى الحكم الذاتي ولو بعد حين؟! هنالك دوائر حريصة على إثارة الأزمات حينا بعد حين، ولن ترضى بهذا العرس الوطني أن يكتمل مطلقا!
هل تعتقدون أن واشنطون سترفع العقوبات فور إعلان التسوية السودانية الخالصة؟! ومنذ متى تعشق أمريكا التسويات الوطنية الخالصة؟! أمريكا لديها مصالح ومخاوف محددة ولن تزول بهذه التسوية بل ربما تتفاقم، ولو تم مناقشة مخاوفها ربما زالت الأزمة بدون تسوية من الأساس!
ربما تفرض أمريكا على النظام الجديد استئصال الموجودات السابقة أو تدجينها وإلا لن تفتح له “كوة” على المجتمع الدولي ولن تخفف عنه العقوبات.
وتدخل البلاد بسبب هذه الضغوط في موجة من الصالح العام ومحاولات العزل والإقصاء. وتفشل المحاولات وتؤدي إلى صراعات وتنهار التسوية.
إنني أعتقد أن القصة ليست اتفاقية السلام، القصة مشوار استعادة الثقة بين الفصائل السودانية، الحل لا بد أن يكون حلا سودانيا يعيد الجميع إلى “الحالة السودانية الأصلية الطبيعية”. المشكلة السودانية لن يحلها أمبيكي ولا المبعوث الأمريكي ولا مدام زوما، الأزمة السودانية لا ينهيها مراقبون من القوات الأفريقية. الأزمة لن تنتهي بإرادة غربية، ببساطة لأن الإرادة الغربية لا ترغب في إنهائها من الأساس.
في هذا السياق … دلوني على مركز دراسات واحد، درس وشخص وحلل الأزمة السودانية بمنهج محايد وموضوعي ونشر خلاصاته في الهواء الطلق. لم ينجح أحد.
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني