وين أراضيك..؟
سؤال كنا نطرحه على كل عزيز نلتقيه بعد غياب طويل، مع أن السؤال غير منطقي، فـ «الأراضي» دائماً ما تكون ثابتة، والمتحرك هو صاحبها أو قاطنها أو مستثمرها.
ترى كيف يكون الحال، إذا ما كان السائل شخص والمسؤول وطن..؟ تخيّل أن مواطناً سودانياً عاد إلى بلاده بعد غيبة ربع قرن من الزمان، لكنه لم يجد بلاده كما تركها من قبل، ولم يجد أهلها كما تركهم، فمنهم من قضى نحبه.. ومنهم من ينتظر.. ما علينا.
يقول العاقل لنفسه إن السؤال يجب ألا يكون قاصراً على «الأراضي» عندما نخاطب الأشخاص الأعزاء، ولا عندما نخاطب الوطن العزيز.. لا بد أن نسأل أيضاً عن الأجواء التي ضاقت بعد أن ذهب ثلث الوطن هباء منثورا بين نيران الفرقاء المتحاربين، وبعد أن تضعضعت بعض أطرافه بسبب أطماع الساسة من حكام ومعارضين.
نعم.. يجب ألا يكون السؤال قاصراً على «الأرض» فقط، بل يجب أن نسأل عن الأجواء، وعن وسائل نقلنا التي ما عادت وسائل نقل بقدرما أصبحت ركاماً وحديداً يأكله الصدا من أطرافه، حتى تقلص أسطولنا الوطني الذي إقترن بشعار «سفريات الشمس المشرقة» إلى طائرتين، وحطام طائرات تنتظر الرضا الأمريكي الذي يأذن لها بقطع الغيار حتى تطير..!
لا بد أن نسأل عن الأجواء وخطوط الطيران التي فقدناها إما بسبب الإهمال وإما بسبب التفريط مثلما حدث لخط هيثرو.. وقبل ذلك فقدنا خطوطاً تكاد تكون حكراً لخطوطنا الجوية السودانية، مثل خطوط غرب ووسط وشرق أفريقيا.
أخشى مع هذا الإنحدار أن نسأل الوطن سؤالاً محرجاً، خاصة بعد هذه الجولات «المطاطة» من التفاوض التي نهدر فيها الوقت والجهد والمال.. ونفقد فيها الأرواح يوماً بعد يوم، لا لسبب سوى تعنت المفاوضين وعبثيتهم وعدم جديتهم في الوصول إلى حلول لأزمة الوطن الجريح.. أخشى مع هذا الإنحدار والتخبط والأحباط الكبير، أخشى أن نسأل الوطن ذات يوم: «وين ما باين؟»..
اللهم أصلح أحوالنا وأهد الذين إختطفوا «المايك» للحديث بأسمنا في كل مناطق السودان إلى سواء السبيل وقلص حجم أحلامهم الشخصية «الباهظة» التي لا يدفع ثمنها غيرنا.. نحن السودانيين.
[/JUSTIFY]بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]