جمال علي حسن

الخطب الدامية.. من المسؤول عن هؤلاء


[JUSTIFY]
الخطب الدامية.. من المسؤول عن هؤلاء

في بلد ملئ بالفتن والحروب السياسية والقبلية.. كيف يتم السماح لإمام مسجد أن يصعد على منبره متوتراً ومتشنجاً ليهدر دم أحدهم بسبب اجتهاد فقهي أو رأي أو فتوى خاطئة أو جديدة عليه أطلقها صاحبها..

ومن قال لمثل هذا الإمام إن موت صاحب هذا الرأي هو بالضرورة موت لرأيه.. هل ماتت أفكار محمود محمد طه بعد إعدامه أم ازدادت انتشاراً وازدادت الرغبة عند الكثيرين لمطالعتها ومعرفتها دون أن يجدوا صاحبها ليقنعوه أو يقنعهم بالرأي الصحيح .؟

وفي اليوم الذي خرجت فيه صحف الخرطوم بعناوين عريضة حمراء حول مقتل ١٣٣ مواطناً في اشتباكات وفتن قبلية أمس زاحمت تأليبات بعض أئمة المساجد على الترابي تلك العناوين، فخرجت إحدى الصحف بـ(مانشيت) عريض ( أئمة المساجد: حديث الترابي يستوجب إهدار دمه).. والمعنى أنهم ومن جانبهم أهدروا دمه ..

تلك والله فتنة لا تصلح أمراً ولا تحمي سمعة الإسلام والمسلمين بقدر ما تسهم في تعزيز الحال البائس والصورة الشائهة لخلافات المسلمين وواقع هذا المجتمع الإسلامي ومنابره .

لماذا لا يدار نقاش محكم وحكيم يقارع عبره هؤلاء حجة الرجل بالحجة ويعكسوا به المعاني الأسمى والأنبل لمجتمع المسلمين .!؟

لماذا يكون مسموحاً لإمام مسجد من الأساس أن يتحدث أمام مئات المصلين بلغة الدم هذه.. وهو يخاطب من يعتبرون حديثه هو الأصح.. ومن يقتدون بطريقته ومنهجه.. باعتباره المنهج الصحيح والطريقة المثلى في التعامل مع القضايا التي تواجههم في الحياة .!؟

وهل من حق إمام المسجد أن يصدر أحكاماً أو يسوق اتهامات خطيرة ويتحدث بهذه اللغة الباغضة القاتلة الغريبة .!؟

ألا يتحسب هؤلاء لاحتمالات أن يخرج أحد المصلين من المسجد وهو مشحون ومعبأ بهذا الحديث.. ثم يجد الترابي أمامه في أي مكان فيحاول تطبيق العقوبة التي صدرت من هذا القاضي غير المخول وغير المكلف بإصدار الأحكام والعقوبات.؟

إذا كان إمام المسجد في بلادنا يتهم ويدين ويحدد العقوبة.. فكيف لا نتوقع أحدا ممن يستمعون إليه يقوم هو الآخر بتنفيذ هذا الحكم بنفسه.. ثم يصلي بعدها ركعتين شكر لله على تيسير الأمر وتقديره أن تم على يده .!؟

امنعوا أمثال هؤلاء من اعتلاء المنابر.. فواقع بلادنا لا يحتمل مزيداً من الدماء والمصائب التي نجلبها لأنفسنا بأيدينا.. أما الترابي فمن الأصلح لكم ولسمعة المجتمع الإسلامي أن تقارعوه الحجة بالحجة.. وحتى لو لم يتجاوب معكم وظننتم أنكم على الحق، فالدولة بها قضاء وبها مؤسسات شرعية وقانونية هي التي تحكم في كل الأمور.. وكفانا عنترياتكم واستعراضكم على المنابر دون التحسب لنتائجه الوخيمة.

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي