جمال علي حسن

تقرير المصير.. لا حق ولا مستحق


[JUSTIFY]
تقرير المصير.. لا حق ولا مستحق

طالعت مداخلات و(بوستات) على (الفيس بوك والتويتر) لنخب سياسية مثقفة من معارضي النظام الحاكم في السودان، ومن النوع الذي كان (يعايب) الإنقاذ بأنها هي التي انقسم السودان في عهدها إلى دولتين، ويضع ذلك الأمر كإذلال تأريخي لهذا العهد. إذ يستدلون على فشله بكونه لم يتمكن قادته من الحفاظ على وحدة السودان ..

نفس هؤلاء وبينهم صحافيون وإعلاميون ونخب يكتبون الآن في التعليق على دعوة عرمان بمنح المنطقتين الحكم الذاتي أن (مطلب الحكم الذاتي للمنطقتين حق مستحق).!

نفس هؤلاء الذين ظلوا يحملون الحكومة مسؤولية التفريط في الوحدة ومنح حق تقرير المصير للجنوبيين يستنكرون عليها الآن رفضها مناقشة مقترح عرمان ..

يريدون أن تناقش الحكومة المقترح وينتهي الأمر بالحكم الذاتي الذي هو مدخل آخر من مداخل الانفصال.. وحين يحدث الانفصال الجديد يعودون للرأي العام بخطاب الخطايا والكوارث التي فعلتها الحكومة، والتي في مقدمتها الموافقة على التقسيم.. بل يسرح البعض بخياله ليتحدث عن مخطط تقسيم للبلد تتبناه الجماعة الحاكمة تبنيا حتى تقيم دولتها فوق ما يتبقى من أرض السودان وما يقدره لها الله من مساحة صغيرة في الشمال وبعض مناطق الوسط.. يحدثوننا عن مشروع تنقية عرقية وعن (جلابة) وعن مفاهيم عنصرية تتبناها الحكومة .

شخصياً لا أعترف بوجود مجال للحديث عن حق اسمه حق تقرير المصير في حالة السودان.. وليس من المفترض أن يتم منحه لأية جماعة أو جهة داخل هذا البلد بما في ذلك ما منحوه للجنوبيين، لأن حق تقرير المصير في القانون الدولي نفسه كان يرتبط وبشكل أساسي بالاستعمار والاحتلال الخارجي، أو الأجنبي.. ثم تطور القانون وتوسع لتشمل نصوصه حالات الأقليات العرقية حين تقوم الدولة بممارسة تمييز عرقي ضد مواطنيها أو مجموعات منهم على خلفيات دينية أو عرقية أو إثنية أو قومية.. وهذا لم يحدث حتى في حالة الجنوب، لذلك كنت وسأظل على قناعتي القاطعة بأن منح حق تقرير المصير للجنوبيين كان أكبر خطأ ارتكبته الحكومة.. وقبلها أقرت به القوى المعارضة نفسها في مؤتمر أسمرا مجاملة لحليفتها الحركة الشعبية آنذاك ..

لا يجب أن يتوفر مثل هذا الحق في دولة ليس فيها تمييز عنصري أو استعمار.. والتباين الثقافي والعرقي والديني لا يكفي لتبرير أية دعوة شاذة لمنح ما يسمى بحق تقرير المصير .

والباحثون في مجال القانون الدولي ينتقدون تقرير المصير باعتباره أصبح مبدئاً للتقسيم بدلا أن يكون مبدئا للوحدة.؟

إصرار الحكومة على عدم فتح هذا الباب من النقاش يجعلنا نحسن الظن بالمستقبل.. بأن انفصال الجنوب لن يتكرر مرة ثانية في مكان آخر في السودان .!!

شوكة كرامة:

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي