الخراف الحمرية من المويلح إلى موسكو
الآن حصحص الحق، لأن الخبر الذي أوردته يوميتنا هذه (أمس)، وربما انفردت به دون سائر صحف الخرطوم السيارة فرفعته عالياً خفاقاً، أحمر يسر الناظرين يقول: “روسيا تتجه لاستيراد اللحوم من السودان”، الخبر الذي جاء به الزميل (روسي الهوى) محمد عبد الباقي، منسوب إلى السفير الروسي الجديد إلى الخرطوم السيد (غياث شيبرنسكي)، الذي كشف عن (مقترحات) روسية لاستيراد اللحوم من السودان في اعقاب الحظر الاقتصادي الذي تمارسه دول (الاستكبار) على جنة (الاشتراكية)، بحسب هؤلاء وأولئك (يمين ويسار وكدا).
على كلٍّ، السفير الروسي الذي حاوره (محمد عبد الباقي)، وضع السودان بديلاً محتملاً للأرجنتين، بعد أن امتنعت أستراليا ونيوزلندا أكبر مُصدرين للحوم إلى روسيا عن مدها بحصتها امتثالاً لقرارات المقاطعة على خلفية الأزمة الأوكرانية، إذ قال: إن المستوردين الروس يخططون للاستيراد من الأرجنيتين، ولكن هنالك اتجاه للاستيراد من السودان، خاصة وأنه أقرب جغرافياً إلى روسيا.
حظك يا (الخرفان الحمرية)، وكأني الآن أراك تتجولين بين ردهات الكرملين، ويتناول النواب الروس لحمتك الشهية في (مقاصف) الدوما، ويمدحون مذاقك الرائع بكلمات روسية رقيقة.
يعاملونك بطلف، ينظفون فراءك الناعمة قبل ذبحك على محراب نظيف وبآلات ذبح حادة وخاطفة، حينها يتتذكرين كيف كنت تعذبين عندما تمر (سكين الضراع) الميتة، على أعناقك لتفصلها عن جسدك.
وكأني اسمع الآن ثغاء فرحتك بهذا الخبر المثير، لكنني وبحكم (علاقتي) الوطيدة بك (كل ما حل الأضحى) أنصحك بتوخي الحيطة والحذر من هكذا خبر، وأن تمتثلي لبيت الشعر الشائع (وما آفة الأخبار إلا رواتها)، ثم تقلبيه ذات اليمين وذات الشمال، وتنظرين إلى حالنا ومآلنا، ولحومنا وعظامنا التي تجعل فرائص الروس ترتعد وإمعاءهم تلتوي وتنعقد، فمرة نجري جراحات لزرع أعضاء تناسلية ذكورية في إناث الضأن بغرض تضليل التفتيش البيطري والتصدير، ومرة نبيع لحم الحمير على أنه بقري، وتارة (سجوقنا كلاب وشاورمتنا كدايس)، وما خفي أعظم.
ثم إن الروس قوم أشداء وذوو بأس شديد، ولا يؤخذون عن غفلة، ثم إن بعد المسافة بين الأرجنتين وروسيا لا ترجح كفة السودان، ما لم يضع معايير دقيقة للجودة والمواصفات، فأبو حريرة (وزير التجارة الأسبق) رحمه الله، وضع خراف البطانة وكردفان وراء ظهره واستورد أجود منها من أستراليا فشبعت (والخرطوم والأقاليم) لحماً طرياً رخيصا ورُخصاً.
إذن، ورغم أن الخبر مُفرح إلى حد أنني أرى (خرافنا ترقص) وأصحابها يغنون، لكن ماذا تفعل مع الذين (يفرتكون) الحفلات ما إن تحل الحادية عشرة ليلاً بتوقيت (موسكو)؟!
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي