اللواءات مقابل النداءات والتنمية مقابل الأصوات
سمعنا وقرأنا من قبل عن برنامج النفط مقابل الغذاء Oil for Food ،وهو البرنامج الذي وضعه مجلس الأمن بقرار منه في العام 1995 حين ساوره القلق من استمرار معاناة الشعب العراقي نتيجة الجزاءات الشاملة، التي فرضت على الحكومة العراقية بسبب غزوها الكويت،فأصدر قراره الذي تضمن صيغة النفط مقابل الغذاء، بوصفها تدبيراً مؤقتاً لتوفير الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، كما قرأنا وسمعنا عن برنامج الغذاء مقابل العمل Food for Workوهو البرنامج الذي ابتدعه برنامج الأغذية العالمي ويقدم عبره موادا غذائية للعمال مقابل العمل ضمن مشروع من المشاريع التنموية التي يرعاها البرنامج، كما قرأنا وسمعنا عن تجربة ( التعليم مقابل الغذاء) (food for education) وهي التجربة المحلية التي خاضتها ولاية البحر الأحمر لترغيب أرباب الأسر للدفع بابنائهم الى مقاعد الدرس والتعليم، بتقديم مواد غذائية مجانية لهم، بعد أن رصدت السلطات عزوفا كبيرا عن الالتحاق بالمدارس في كثير من المناطق الريفية…
كانت تلك عينة من (المتقابلات) التي سمعنا وقرأنا عنها سابقا،وقد أضافت اليها بعض الأحداث والمتغيرات السودانية المحلية، (متقابلات جديدة) اجترحها سودانيون لحما ودما، من هذه المتقابلات ( اللواءات مقابل النداءات)، واللواءات المعنية هنا هي اللواءات العسكرية (جمع لواء) ولكن ليس اللواء الرتبةMajor General) ) وانما الوحدات العسكرية (BRIGADE) التي تتألف من عدد من الكتائب ويتراوح عدد أفرادها مابين 3,000 إلى 5,000 فرد،ومن اجترح هذه (المقابلة) هو وزير الدولة بوزارة الدفاع الفريق يحيى محمد خير في كلمته التي ألقاها في احتفال الدفاع الشعبي بوداع أحد ألويته المتجه الى مناطق العمليات،وتحديدا في الجزئية التي هاجم فيها ( نداء السودان ) الذي وقعته قوى معارضة الأربعاء الماضي بالعاصمة الأثيوبية أديس أببا،بقوله لهذه القوى (انتو اعملو التجمعات والنداءات ونحن كل يوم نعمل لواء)، أما التنمية مقابل الأصوات (الأصوات الانتخابية)، فتلك مقابلة سودانية أخرى سكها المواطنون الغاضبون بكل من مدينة لقاوة التابعة لولاية غرب كردفان ومدينة الحلفايا من أعمال محلية بحري،فمواطنو لقاوة مازالوا صامدين وصابرين في اعتصامهم الذي دخل شهره الثاني تحت شعار ( لا قبلية ولا حزبية لقاوة هي القضية) لانتشال مدينتهم من الوهدة التي تردت فيها بسبب انعدام الخدمات الأساسية وانعدام أبسط البنى التحتية،وكان من ابداعاتهم أن قرنوا هذا الشعار باخر يقرأ ( لا تصويت في الانتخابات المزمعة في ظل هذا الشقاء الذي نكابده)،ومثلهم واحتجاجا على بيع أراضيهم لمستثمرين، نظم أهالي الحلفايا وقفة احتجاجية عقب صلاة الجمعة الأول من أمس،منددين بنزع الولاية لأراضيهم المستحقة في خطة الوزارة المعنية وتسليمها لاخرين،رافعين شعار( أراضينا تنادينا ولا تصويت ولا انتخابات)، وهذه مقابلة أدخل في معنى المساومة وهذه بتلك،أما مقابلة الفريق يحى (اللواءات مقابل النداءات) سنكتفي تعليقا عليها بالقول أنها أدخل في معنى ( الاضطراب في مقابل التوتر)، اضطراب المعارضة التي لم تستقر على حال فتكاثرت جراء هذا الاضطراب اعلاناتها ونداءاتها،توقع اليوم اعلانا وتعقبه غدا بنداء وهكذا دواليك،ويقابل ذلك توتر الحكومة وفقا للنظرية الفيزيائية المعروفة، ( كلما وقعت المعارضة اعلانا أو نداء قابلته برد فعل أقوى منه ومضاد له)،وهذه معادلة لا تعني سوى استمرار الحروب والاضطرابات والتوترات…
[/JUSTIFY]بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي