اللامركزي ,,, خاتمة
عندما رأى بخيت هلال رمضان (البنوت زغردن والجنيات بشروا ) وتقرر أن يصبح الجميع صائمين فما كان من صاحبنا بخيت إلا أن أرجع بصره إلى السماء كرة ثانية وصاح قائلاً: (علي الطلاق دا هلال تاني كمان).. فكانت ردة فعل أهله أن رجعوا في قرارهم بالصيام غدًا وقرروا البحث عما يثبت لهم الرؤيا فشهادة بخيت أصبحت ملغاة فنحن هنا كتبنا حلقتين عن فشل الحكم اللامركزي ولم نصدق التجاوب الذي وجده فيبدو أن الناس كلها (ميجوعة بلحيل) هذا التجاوب قد أغرنا باستكمال بعض الزوايا في هذه الحلقة وكل الذي نتمناه ألايحدث لنا ما حدث لبخيت.
كما يقول اهلنا النئ للنار. فإذا ثبت لنا أن الحكم اللامركزي أضراره أكثر من فوائده فلا شيء يمنع من إعادة النظر فيه فالحكم المركزي شكل من أشكال الحكم وليس هو الوحيد فأكثر الدول ديمقراطية في العالم لا تتبع نظام الحكم اللامركزي وبالتالي لا تنقصها المشاركة فليست هناك أي قدسية للحكم اللامركزي أما القول بضرورة البحث عن من تسبب في إفشال هذا الحكم في السودان فليست هذه القضية الأولى رغم أهميتها إنما الأهم عدم التمادي فيما ثبت فشله وليس المطلوب هنا شطبه بجرة قلم إنما المطلوب وضعه على طاولة التشريح ثم إعمال مبضع الجراح فيه فالجرحون في علم الإدارة في بلادنا يسدون عين الشمس كما أن تجربتنا قد تراكمت تراكماً جعل كل أمور هذ الحكم في السهلة
في تقديري أن المطلوب الآن الالتفات للحكم المحلي بأعجل ما تيسر فهذا المستوى من الحكم الآن في غرفة العناية المركزة فهو قد ظلم تشريعياً فرغم إقرار الدستور له إلا أنه لم يفصل فيه وترك نهباً للأهواء لذلك رأينا صورًا شائهة منه كما أن وجود المعتمد بالسلطات الممنوحة له في قانون 2003 قد حطم عظام الحكم المحلي تحطيماً فهو المسؤول الأول سياسيًا وأمنياً ومالياً وفنياً وفي يده كل السلطة والثروة وهو مسؤول لدى الوالي الذي يعينه فقط وليس هناك إلزام بأن يكون له مجلس شوري فبعضهم كون مجالسًا بمزاجه وقام بحلها بذات المزاج وفي بعض أنحاء السودان أصبحت وظيفة المعتمد ترضية قبلية إلا فقل لي بربك كيف تكون في بعض الولايات خمس عشرة محلية أي خمسة عشر معتمدًا بينما ولاية الخرطوم بها سبع محليات فقط ؟
أذكر أنه في عام 1991 عقدت ندوة في قاعة الشارقة عن الحكم اللامركزي قدمت فيها ورقة عن المحافظ المعتمد الآن وحذرت فيها من السلطات الممنوحة له والتي لم يكن من بينها المال وكان هذا رأي الدكتور حسن الترابي فرد على الدكتور علي الحاج عراب ذلك التقسيم بأنهم يريدون المحافظ أن يكون كالنسمة يدخل من كل الأبواب والنوافذ فقلت له لقد صنعتم عاصفة بدلاً من نسمة فما بالك والآن المحافظ-المعتمد- أصبح يملك المال فأصبحت عايرة وأدوها سوط.
ياجماعة الخير إن تقوية الحكم المحلي على حساب الولائي والمركز هي المخرج مما نحن فيه الآن فإذا ما قويت شوكة الحكم المحلي يمكن بعد ذلك الرجوع للحكم اللامركزي وتقويته على حساب المركزي فابدأوا من تحت ومن بعيد كمان فالرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول سيروا بسير أبطأكم ولكن من يسمع من؟
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]