مقالات متنوعة

اغتيال السيسي وقصة علي دينار!!


اغتيال السيسي وقصة علي دينار!!
هل زعماء القبائل ركائز سقوف النسيج الاجتماعي في هذا العصر أعداء الجمهور سواء أكانوا من الأقرباء أو الغرباء؟! وهل بعد أن قتل الشيوعيون الادارة الأهلية عام 1970م مستغلين اشراك نميري لهم في الحكم، قتلوها باعتبار أنها عائق حسب هوسهم في طريق تحويل المجتمع من برجوازي طبقي إلى اشتراكي، هل بعد أن قتلوها.. وبعد أن انتفضت من تحت الرماد واجه زعماء القبائل الاغتيالات؟!
هل هذا هو قدر الإدارات الأهلية من الإلغاء عام 1970م إلى الاغتيال حتى بعد إعادة الهيبة إليها؟!. إن سلطة الإدارة الأهلية تبقى اجتماعية الغرض منها الحفاظ على هوية القبيلة في مرحلة تاريخية معينة. ومعلوم أن القبيلة أي قبيلة لا يصل عمرها الى عشرة قرون، فهي أصلاً تكونت من أسرة كانت تنتمي الى قبيلة معروفة، والقبيلة التي كانت نواتها تلك الأسرة ستخرج منها أسر لتكون مستقبلاً قبائل، أي بعد مئات السنين.. إذن القبيلة تأتي في مرحلة تاريخية معينة. وتبقي الادارات الأهلية «حماية اجتماعية» لو جاز التعبير للقبائل.
ومدخلاً موثوقاً للتصاهر للتعارف الشعوبي والأممي.. «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» هذا هو المعتقد الشرعي، وما يبلغ مسامعنا من حروب قبلية، لا يعني أن الحروب فقط هي قبلية، ففي داخل القبيلة الواحدة بل العائلة الواحدة يمكن أن تشتعل الحروب.
وهنا لا أريد أن أجتر أحداثاً تاريخية مربوطة بزعماء الادارات الأهلية وقعت في الدولة المهدية.. لكن لتعميم الفائدة التاريخية نقول إن الادارات الأهلية بكل صراحة لم تجد التوقير والتقدير من الدولة إلا في عهد حكومة البشير.. ولم تمر مرحلة في السودان وجدت فيها الدولة احترام وتقدير وحب الادارات الأهلية لها إلا في مرحلة هذا البشير. ونعلم أن البلاد مرت بمرحلة واجه فيها زعماء بعض القبائل المعروفة عقوبة الإعدام لرفضهم البيعة، والقضية هذي فيها جدل فقهي طبعاً، هذا الجدل كان محسوماً بالنسبة للدولة، وان كان في الحكم استعجال. لقد واجه حكم الإعدام الشيخ مادبو علي زعيم الرزيقات، وكان قد تقدم الى حيث تنفيذ الحكم عليه بخطى لا تعرف الارتجاف وبشجاعة نادرة وثّق لها التاريخ، وأيضاً واجه حكم الإعدام زعيم الكبابيش الشيخ صالح التوم، وأيضاً زعيم اللحويين المرضي ود أبو روف، وكان اسم «أبو روف» قد أطلق على المنطقة الواقعة شمال ود البنا بأم درمان القديمة بل الاقدم، وذلك ضمن تكريم بعض الأسماء التي وضعت بصماتها في الثورة المهدية. أما عبد الله ود سعد زعيم الجعليين فكان قد خرج على الدولة في لحظة حرجة في ما عرف بفتنة المتمة، وكان قد لقى حتفه فيها.
لكن زعماء القبائل في هذه المرحلة، فإن الدولة تشعر بالفعل بالحاجة إليهم، وترى أن سلطانها لا يستقر إلا باستقرار القبائل في معظم بلاد السودان، حتى داخل ولاية الخرطوم التي تضم المناطق الأصلية لقبائل الجموعية والأحامدة والبطاحين والمسلمية. وبعض فروع القواسمة في الحلفايا، وهم العبدلاب.
وإذا كانت هذه الإدارات الأهلية تمر بمرحلة تاريخية معينة، وتأتي أخرى لقبائل بأسماء مختلفة، فهذا يعني «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» فلا داعي إذن للتعصب، وانما الخير كل الخير في التفكير في تنمية مناطق القبائل لتكون مهيأة للعلم والمعرفة وعبادة الله على دراية وبصيرة منورة.
وحينما تخرج علينا الأخبار تحمل نبأ اغتيال زعيم قبيلة معروفة ومؤثرة وحتى الإقليم يحمل اسمها، وهو زعيم قبيلة الفور الديمنقاوي «فضل سيسي محمد أتيم» فهذا حدث تقشعر منه الأبدان. فمتي حاربت هذه القبيلة المسالمة قبيلة أخرى أو الدولة؟! بل إن ادارتها الأهلية نجحت في احتواء استقطاب الكثير من أبنائها لصالح التمرد ومشروع التآمر الأمريكي الأوروبي الصهيوني في المنطقة. إن هذه الإدارة الأهلية منذ زمن سحيق قد ظلت تزرع في نفوس أبنائها وبناتها قيم الجهاد والتسامح في وقت معاً، فلكل مقام مقال، وهنا نحكي قصة، فقد كان أحد الدعاة القادمين من المغرب الذي وضع بذرة دعوة التوحيد والإتباع التي تقوم عليها اليوم دعوة جماعة أنصار السنة المحمدية، قد شاهد ضابطاً مصرياً على جمل يحارب في صفوف جيش ونجت باشا ضد الفور بزعامة علي دينار لإرغامها علي التبعية لسلطة الاحتلال البريطاني، وقال له الداعية المغربي الشيخ عبد الرحمن بن حجر المغربي: «قتلاكم في النار وقتلى علي دينار في الجنة».
وبعد ذلك قامت سلطة الاحتلال بطرده من البلاد، فالاحتلال والدعوة لا تجمعهما أرض واحدة. والآن السلام والتآمر الغربي الصهيوني لم تجمعهما أرض واحدة.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة