مصطفى أبو العزائم

نداء السودان.. الحقيقي ..


[JUSTIFY]
نداء السودان.. الحقيقي ..

لا نريد أن نزيد ونعيد ما كتبناه من قبل حول وثيقة (نداء السودان) التي وقعتها أطراف المعارضة مؤخراً في أديس أبابا، وما أكثر الوثائق والاتفاقات بين قوى المعارضة، لكن خطورة(نداء السودان) أنه زواج ما بين مفهومين للمعارضة، الأول مدني والثاني عسكري، وهو أخطر من أية اتفاقات سابقة، لأن ائتلاف الحركات العسكرية إن اجتمعت لمعارضة نظام الحكم، فإن الكلمة العليا داخل ذلك الائتلاف ستكون لصاحب الجيش الأقوى، والسلاح الأمضى.. أما في حالة ائتلاف المعارضة المدنية مع المعارضة المسلحة ومحاولة دمجهما معاً، فإن منطق المعارضة المدنية سيضعف إن لم ينته مرة واحدة، لأن الصوت الأعلى سيكون للحركات المسلحة صاحبة الجماعات المدربة والأسلحة والمتحركات والوجود الفعلي في الميدان الذي إن لم يسقط الحكومة فإنه سيزعجها بكل تأكيد، لأن الكثير من هذه الحركات والجماعات المسلحة تتعامل مع نظام الحكم، وفق منطق (سهرالجداد).

الآن ستتحول القوى المعارضة المدنية الممثلة في الأحزاب السياسية، ستتحول الى (بوق) للحركات المسلحة، وستعمل بوعي أو من غير وعي على تحسين وتجميل صورة تلك الحركات المسلحة، وتعمل عن قصد أو بدونه على اضفاء روح الشرعية السياسية لتلك الحركات، حتى تجد لها مكاناً في نادي السياسيين بالبلاد، وتحجز لها أكثر من مقعد داخل ذلك النادي، وأصابع قادتها على الزناد..!

لم نرد الإساءة لأي من الأطراف الموقعة أو غير الموقعة، المنفذة أوالموافقة، لكننا نحاول أن نرى ملامح الصورة الجديدة للمعارضة الجديدة بعد توقيع نداء السودان… ونعجب في ذات الوقت من أن بعض القوى السياسية والقيادات الحزبية، لم تتعلم من تجاربها السابقة، خاصة في شأن الحكم وشؤون المعارضة، ونجعل من حزب الأمة القومي ومن رئيسه السيد الامام الصادق المهدي مثالاً، لذلك فعندما كان السيد الامام رئيساً للوزراء، تحالف السيد ياسر عرمان مع بندقية قرنق لاسقاط «النظام الديمقراطي» والآن يضع خدماته وبندقيته شخصياً لخدمة من يطيح بنظام الحكم القائم في السودان، على الرغم من أنه كان شريكاً أصيلاً فيه لمدة خمس سنوات هي عمر تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان، التي انتمى لها «الكومندر» عرمان.

بقية الأحزاب الأخرى لم تتعلم أيضاً فقد أفردت ظهرها للحركة الشعبية طوال سنوات تنفيذ الاتفاقية، واستغلت الحركة تلك القوى السياسية حتى حققت ما تريد، وأخذت ثلث مساحة البلاد وخرجت بها لتحيلها الى ساحات للصراع بين مراكز القوى داخلها، وتلفظ حلفاءها القدامى الذين جعلت منهم رصيداً لها ساعة أن ينفد رصيدها السياسي مثلما هو حادث الآن.

نداء السودان الحقيقي أن (يفهم) الجميع أن المواطن لا يعنيه تحقيق أحلام الواهمين ورغبات الآخرين الذين وضعوا كراسي الحكم نصب أعينهم، وأقصوا المواطن من المشهد تماماً.. نداء السودان الحقيقي هو أن يصمت السلاح.. وأن يصمت حاملوه.. وأن يصمت الجميع ليقول الشعب كلمته.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]