الطاهر ساتي

راتب بلا إنتاج .. ( صدقة)

[JUSTIFY]
راتب بلا إنتاج .. ( صدقة)

:: عبد سليمان، المدير العام لشركة الخطوط الجوية السودانية، يتقدم باستقاله ويعتكف بمنزله لتقاعس السلطات عن تمويل الشركة و سداد إستحقاق العاملين ..ليس في منازلهم غضباً وإحتجاجاً كما فعل مديرها العام، بل ما آل عليه حال شركة سودانير يستدعي إعتكاف كل أهل السودان في الكعبة المشرفة ثم التعلق بأستارها و التضرع والإبتهال لحين يرفع الله عنها البلاء..فالشركة – منذ عام و أشهر – بلا مجلس إدارة، وهذا الوضع يصلح بأن نذكر فيه المثل القائل : ( أكلوها لحماً ورموها عظماً)، أي إنفضوا من مقاعد مجلس إدارة الشركة عندما جف ضرعها لحد العجز عن سداد راتب العامل والموظف، وهم الذين كانوا يتكالبون على تلك المقاعد عندما كانت للشركة ضروع تدُر اللبن ..!!

:: في الدنيا كلها، رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات هم الذين يخططون – بالمهنية والعلمية والميزانية – لتطوير الشركات أو لإنقاذها من مخاطر الإنهيارات..ولكن في بلادنا، رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات الحكومية (ناس باردة)، بحيث يغزون الغنائم ويأسرون فوائدها و يقعدون عن الوغى والمتاعب أو يولون الأدبار، أو كما يعكس حال مجلس إدارة سودانير حالياً..ونسأل هذا الفراغ الإداري بالشركة عن الذين وقعوا على عقد بيعها لعارف الكويتية، وأين الذين إحتكروا مجلس إدارتها طوال سنوات هبوطها الإضطراري؟، ولماذا لم يتحملوا مسؤوليتهم عن تدهورالشركة ويعملوا على إنتشالها من الإنهيار، أم أنهم فقط رجال ..( مخصصات وحوافز )..؟؟

:: المهم..إن كان عدم تمويل الشركة هو سبب إعتكاف المدير العام في منزله، حسب تصريح رئيس نقابة العاملين بالشركة، فلتقبل السلطات إستقالته بحيث يكون اعتكافه قراراً صائباً و(متفق عليه)..تمويل الشركة – ولو بكل ميزانية الدولة – وهي بهذا الوضع الإداري البائس والهيكل المترهل نوع من إهدار المال، وكما يقول أهلنا بدارفور ( لصيق الطين في الكرعين ما بيبقى نعلين)، أو هكذا معنى التمويل بلا رؤية أو خطة أو إدارة تعي ما تفعل..ولو كان لهذا الناقل الوطني إدارة ذات خطة ورؤية لوضعت التمويل في آخر قائمة مطالب الإصلاح، ولبدأت الإصلاح بتقييم ذاتها و إن كانت جديرة بالإدارة أم لا ثم بدارسة وضع هيكلها ولنظرت في أمر فيالق العمالة المكدسة بلا عطاء..!!

:: لم تصرف لهم وزارة المالية غير راتب شهر اكتوبر، ولم يصرفوا إستحقاقاتهم الأخرى، أوهكذا إختزل رئيس النقابة سر غضب المدير العام وأسباب إعتكافه، وهذا يعنى أن رواتبهم وإستحقاقاتهم فقط هي الغاية التي تستدعي الغضب والاستقالة، وإذا توفرت ليس مهما ( حال الشركة)، وكأنها شركة تكافلية مراد بها فقط بأن تكون (أليه صرف)..ما جدواها وهي العاجزة حتى توفير راتب عمالتها؟، وإلى متى تمولها وزارة المالية خصماً من بنود الصحة والتعليم ؟..أكثر من خمس شركات طيران وطنية، وبإمكانيات محدودة،أسسها القطاع الخاص قبل عقدين، ومع ذلك تجاوزت سودانير – التي عمرها بعمر البلد – في أعداد طائرتها ورحلاتها رغم القيود الإقتصادية التي تكبل قطاع الطيران..وعليه، لم يعد للوطن طموحا بأن يعود لناقله سيرته الأولى في تغطية فضاءات العرب والعجم تحليقاً، ولم يعد للمواطن حلما بأن يدعم هذا الناقل خزينة الدولة أو كما يفعل سابقاً، إذ كل المطلوب إدارة تُحقق فقط للعامل بالشركة من العائد ما يبعده عن سؤال السادة بوزارة شهرياً: ( مُرتب لله يا محسنين)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]