رفع الأصبع
رفع الأصبع داخل فصول الدراسة يجيء للمشاركة في الدرس والاشتراك في اجابة أو طرح سؤال محدد، وهو في قاعات الاجتماعات الصغرى أو الكبرى يعني في أغلب الأحيان المشاركة في التصويت على قرار ما، وفي بعض حالات الفوز يعني الاشارة للنصر، ويمكن أن يشترك أكثر من أصبع في التعبير عن النصر، مثل السبابة والوسطى وهما يشكلان معاً حرف الـ(في- -V) الأجنبي بما يعني كلمة (فيكتوري) أوالنصر..
المسلمون الذين نحن منهم بحمد الله تعالى يرفعون أصبعهم السبابة في التشهد، وهذا من السنة النبوية الكريمة، ولكن رفع السبابة عند النطق بالشهادة يقول عنه بعض العلماء إنه من البدع والمحدثات.
الأصابع من الأطراف المهمة لدى الانسان ولم تخلق عبثاً، ومن بينها السبابة وهو الأصبع الثاني من أصابع اليد، بين الإبهام والوسطى، ويستخدمها الانسان في الاشارة إلى الأشياء، وعند التحذير والتهديد والوعيد، ويمسك بها مع أخواتها في كفة اليد كل ما يريد الإمساك به، ويمسك بها القلم، مثل ما في حالات الكتاب والصحفيين والمعلمين وطلاب العلم، والعاملين في دواوين العمل ومؤسسات الدولة أو في القطاعات الخاصة والعامة أو المختلطة.
يُحْكى في الأثر أنه كان لأحد الملوك وزير حكيم يقربه الملك كثيراً إليه، ويرافقه في حله وترحاله، وكلما أصاب الملك ما يكدر صفوه، قال الوزير(لعل في ذلك خير).. وفي إحدى المرات قطع أصبع الملك، فقال الوزير قولته تلك، وهو ما أغضب الملك وكدر صفوه، وقال بغيظ (وما الخير في ذلك؟)، ثم أمر بسجن الوزير الذي قال ذات العبارة (لعل في ذلك خير) وأودع السجن الذي قضى فيه سنين عددا.
وتُحكى الرواية الأسطورية أن الملك خرج ومعه بعض حاشيته للصيد في يوم من الأيام، وابتعد عن حرسه يتعقب فريسته التي صادها، فأطبق عليه جماعة من عبدة الأوثان كانوا يبحثون عن قربان لصنمهم الأكبر، فأسروه وتقدموا به للمذبح إلا أنهم تراجعوا في آخر لحظة بعد أن اكتشفوا أن قربانهم مقطوع الأصبع وناقص، فأطلقوا سراحه وانقذه الله منهم.
هنا تذكر الملك وزيره الحكيم، فأمر باطلاق سراحه وفك أسره، وجيئ له بالوزير، فاعتذر له الملك عما صنعه به، وقال إنه أدرك الخير في قطع الأصبع، وحمد الله على ذلك، ثم سأل وزيره وقال له(ما هو الخير في سجنك؟) فأجاب الوزير بأنه إذا لم يتم سجنه لكان مع الملك يصاحبه في الصيد، وإنه كان سيقدم قرباناً بديلاً لأصنام تلك الجماعة بعد أن يكتشفوا أن أصبع الملك مقطوع.. فكان في ذلك خير كثير اراده الله بالإثنين.
أما المناسبة فهي غياب هذه الزاوية ليومين متتاليين بسبب خراج ملتهب أصاب الأصبع الذي يمسك بالقلم، ويلامس لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ومنع صاحبه من الكتابة الى أن بدأ يتعافى منه يوم أمس، ليعود الكاتب والزاوية، ونعطي أنفسنا الحق في تحريف المثل المتداول (يموت الزمار وأصبعه يلعب) «ليصبح» (يموت الصحفي وأصبعه يكتب).. والحمد لله.
وأما الفائدة فقد كانت في تواصل الآخرين مع صاحب السبابة المعطوبة، وسؤالهم عن أسباب غيابه وفي هذا خير كثير.. ثم.. خير آخر تمثل في الالتزام التام بعدم الحركة خارج المنزل إلا لأداء الفريضة.. ليصبح الخير كله في مراقبة النفس ومراجعة الواقع.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]