جمال علي حسن

طرد اليوناميد.. هل سنبتلع القرار


[JUSTIFY]
طرد اليوناميد.. هل سنبتلع القرار

“اليوناميد لن تغادر الآن”، قالها رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة هيرفيه لادسو بكل برود وثقة في حديثه لرويترز، إن البعثة لن ترضخ لطلب السودان بالمغادرة وقال: “لقد طلبوا منا وضع استراتيجية للانسحاب وهم يفعلون ذلك الآن بإصرار معين بغرض الدعاية.. باعتبار أن وضع استراتيجية الانسحاب هو هدف مخطط له أصلا”.. لكنهم حسب حديثه لا يفكرون الآن في الرحيل!

هل الحكومة هي التي تتسبب دائما في إحراج نفسها حين تقوم بالإعلان عن قرارات لا تكون قادرة على تنفيذها؟

أم أن القرارات نفسها غير مدروسة وغير ممكنة التنفيذ والإعلان عنها بصوت عال هو أيضاً أمر غير مدروس بالشكل الكافي؟

ماذا يفعل المستشارون الذين يحتلون أفخم المكاتب في الدولة ويتقاضون أعلى المرتبات والمخصصات.. وينتشرون في كل مؤسسات الدولة؟!

إننا لا نحمل المسؤولين الكبار مسؤولية نوع ولغة الخطاب السياسي والإعلامي الصادر عنهم، بقدر ما تتحمل طواقمهم الاستشارية تلك المسؤولية والتي يجب أن تكون متحسبة لنتائج القرارات والتصريحات التي تصدر رسمياً من الدولة.

والآن تقف الحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما: الخيار الأول هو أن ترضى بالإحراج وتبتلع كلامها بكوب من الليمون البارد.. أما الخيار الثاني فهو أن تمضي في المواجهة وتفرض إرادتها وتجبر اليوناميد على المغادرة وتجبر لادسو على أن يبتلع هو تصريحاته ويرضخ لقرار الحكومة السودانية.

حين يقال (قرار يعني قرار).. ويجب تنفيذه.. هذا هو الوضع الصحيح والطبيعي في وصف القرارات الرسمية الحكومية لأنها لا تتخذ إلا بعد أن تكون الحكومة قد درستها وقررت تحمل نتائجها مهما يكن الثمن.. بل حتى في ثقافتنا الاجتماعية السودانية العادية لا نستخدم كلمة (قرار) إلا للأمر الذي لا تراجع عنه ولا جدال حول تنفيذه..

قبل أسبوعين قالت الحكومة السودانية وعلى لسان وكيل وزارة الخارجية السفير عبد الله الأزرق إنها ستطرد قوات حفظ السلام المشتركة إذا لم تلتزم باستراتيجية الخروج.. وها هو (لادسو) يمد لسانه ويغمز بعينه اليسرى ساخراً ويصف طلب الحكومة بالدعاية ويؤكد أنهم باقون..

هل هو تحد وتجاوز من جانب لادسو لطبيعة وجود تلك القوات وسلطة إخراجها ومغادرتها ونص التفويض الممنوح لها؟ أم أن قرار الحكومة وتلويحات وكيل الخارجية بالطرد كانت (كلام ساكت)!

نقول هذا الحديث لأننا ابتلعنا من قبل قرارات سابقة في قضايا كثيرة.. ونقول هذا حفاظاً على هيبة قراراتنا كدولة محترمة وعلى (منظرنا) أمام العالم..

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي