هل هذا برلمان
شخصياً، وربما كثيرون غيري يتفقون معي في أن وجود النواب البرلمانيين تحت القبة يصبح زائداً وغير ضروري، ما لم يضطلعوا بمهامهم الأساسية التي – على ما يبدو لي، ووفقاً لما أراه هنا في (برلماناتنا الكثيرة) – أن جل النواب (سوادهم الأعظم) لا يعرفون شيئاً عنها، لذلك لا ضير ولا غبار أن نخصص هذه الزاوية لتنويرهم بها (لعلهم يسترشدون).
تلك المهام تتمثل في عدة وظائف بينها الوظيفة التمثيلية التي تقتضي أن ينشغل حضرة النائب بالقضايا الرئيسة للشعب، فيبذل ما بوسعه وأكثر للمنافحة والذود عنها، لكن هذا لن يتحقق إلاّ عبر الوظيفة التالية، وهي (الرقابية) التي تتلخص في رصد ومتابعة أداء السلطة التنفيذية (الحكومة) ومساءلة أعضائها، تليها الوظيفة التشريعية، وتتمثل في حضور النائب إلى أعمال اللجان ومدارسة المشاريع والمقترحات لكافة القوانين، هذا بجانب الوظيفة (السياسية)، وأعني بها مساهمة النائب في تفعيل دور المؤسسة البرلمانية.
لكن تكتسب الوظيفة التواصلية أهميِّة أكبر من نظيراتها كونها تتحقق عبرها مطالب المواطنين، وهذه الوظيفة تتيح تواصلاً مُباشراً بين النائب والمواطنين من ذوي القضايا العامة أو الخاصة.
أما بالنسبة لبرلماناتنا (كثيرة العدد والنواب)، قليلة الفعل، فإنك مهما بحثت ونقبت و(نبشت) وغصت عميقاً فلن تجد ثمة نائباً ينهض بالوظائف تلك على حتى ولو على (أنقص وجه)، فكثير من النواب منقطعو الصلة بدوائرهم ولا يعرفون ماذا يجري فيها، وحتى لو عرفوا فهم لا يأبهون، فلم نر أن نائباً برلمانياً افتتح مكتباً في دائرته يلتقي فيه بناخبيه ويتعرف على أحوالهم وينظر في مطالبهم، ثم ينافح عنها (تحت القبة)، وكأني بالنواب يختزلون وظائفهم بالغة الأهمية في (رفع السبابات) أو الإحجام عن ذلك.
لكن كل هذا هين، إذا ما قيس ببعض الذين ينامون السنة كلها (ملء جفونهم) عن شوارد البلاد الكثيرة، فلا نسمع لهم (صوتاً) عند الشدائد، لكن ما إن تأتي الصغائر حتى يهبون من مخادعهم مستنفرين حناجرهم المكتنزة (بالكورايك).
أليس ذلك ما حدث أثناء انعقاد ورشة نظمتها لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان تحت عنوان (مراجعة وضع المرأة في التشريعات) التي ناقشت ضمن ما ناقشت توصية بتجريم ختان الإناث. فارحمونا أيها النواب، فالختان إلى زوال وشيك وفقاً لقوانين التطور الاجتماعي، بتشريعاتكم أو بدونها.
لكن دعوني أسألكم، لماذا تصمتون دهراً لتنطقون (ختاناً)؟ فهل أنتم برلمان، هل أنتم مقتنعون بما تفعلون؟
[/JUSTIFY] عبد الجليل سليمانالحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي